-A +A
مها الشهري
في سبيل حماية الفرد وكرامته وحماية حريته الشخصية المكفولة شرعيا وإنسانيا، جاءت الموافقة على إقرار نظام مؤلف من ٨ مواد لمكافحة جريمة التحرش والحد من ظواهرها ومعاقبة مرتكبيها وحماية المجني عليهم، باعتباره من أهم القرارات التي يحتاج اليها المجتمع في تنظيم تعاملات أفراده على المستويين النفسي والاجتماعي.

كان التحرش وسيلة للرد من قبل الذكور على رفضهم لرؤية المرأة في مجال أو بشكل لا يرونه مناسبا حتى وإن كان حقا لها، وكانت ردة الفعل من قبل الفتيات على الغالب كأسلوب تحد للذكورية بإقرار ذلك الحق لأنفسهن واختيار الفتاة أن تجني أفضل ما لديها من أن تكون ضحية، إذ إن التحرش يصدر من الطرفين، ولكن إذا كان تطبيق النظام سيعاقب المعتدي أيا كان جنسه وسيحمي الجميع، إلا أن المرأة أكثر من يستفيد منه، لأنها ستلغي الشروط التي كانت تجعل الاحترام محددا بمدى الالتزام بسلوك تقليدي حوصرت المرأة بداخله حتى تحصل على ذلك الاحترام، وسيلغي تطبيق النظام الفكرة التي تربط ما بين سلوك المرأة أو مظهرها وما بين الظن بأن شكلها أو أفعالها ناتجة عن جاهزيتها للإهانة أو التحرش، وسيبقى اللباس والتصرف ضمن إطار حريتها الشخصية الذي لا يتجاوز تفسيره إلى أبعاد أخرى بشكل لا واع كما كان يحدث في السابق، بينما يكون اللجوء إلى القانون تعبيرا عن عدم قابلية الفرد للنظرة التي تتعامل مع جسده كسلعة، ويأتي دور الأسرة ووسائل التوعية العامة لتشكيل الثقافة نحو تعزيز فكرة التحرش ورفضها لدى الأبناء والبنات من مبدأ حق الفرد في حماية جسده من منطلق حفاظه على كرامته كإنسان.


إن تطبيق القانون ينظم التعاملات بين الناس وهو أيضا يساعد في تشكيل الثقافة نحو الالتزام والشعور بالمسؤولية تجاه التصرفات التي لم تكن في السابق تصرفات مسؤولة، وسيؤتي هذا النظام الحازم ثماره في المستقبل القريب الذي سنشهد فيه تغييرا جذريا في شكل التعامل والعلاقات بين الجنسين.