-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
كل الجرائم قد يجد لها الإنسان مبررا يمكن قبوله، يقبله من يقبله ويرفضه من يرفضه، لكنه قابل للنقاش إلا جريمة خيانة الوطن فإنها من الخسة بحيث لا تقبل مجرد النظر لمرتكبها ناهيك عن التحدث معه!!، أعان الله المحققين الذين يضطرون لاستجواب خائن خسيس والتحدث معه والنظر في عينيه الذابلتين من هول حقارته!.

جريمة السرقة قد يبررها السارق بالحاجة الملحة، وقد تجد الحجة قبولا، مثل ذلك الذي لقيته في عهد عمر بن الخطاب عندما كانت المجاعة والإشراف على الهلاك في عام الرمادة مانعا لإقامة حد القطع على غلمان حاطب وغيرهم ممن سرق ليأكل وينقذ نفسه من الهلاك، فقد كان لهم مبرر تم قبوله.


حتى جريمة القتل العمد دفاعا عن النفس أو العرض أو في حال الغضب الشديد، يستطيع مرتكبها أن ينظر إلى لائمه ويبدي ندمه لأن الشيطان استغل غضبه الشديد فنزغ بينه وبين أخيه فقتله وندم، وهذا بطبيعة الحال لا يلغي العقوبة ولا يعفي منها، ولكنه يجد قبولا عند البعض لا يلغي الاحترام.

أما الخائن لصديق أو أخ أو قريب أو الخائن لأي شخص ائتمنه فلا مبرر له غير دناءة النفس وخستها، لأن الخائن يخطط ويفكر وفي سعة من أمره ويمكنه التراجع لو وجد لديه ذرة من أمانة ونبل وقبل ذلك ذرة إيمان (آيات المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا وعد أخلف) وهذه صفات تنافي الإيمان وتجسد قبح المخبر وسوء المعشر.

وعندما تكون الخيانة للوطن، للموطن، للأرض التي احتضنته، لمكان عيشه وعيش أهله وذويه، ولمستقبل أولاده وأجيالهم، فإن خسته ونجاسته وقذارته تكون قد بلغت مبلغا نتناً مقززا يتعذر معه تنفس الهواء الذي يحيط به ويمر حوله.

إن الخونة السبعة الذين ذكرهم بيان أمن الدولة وكل من تعامل معهم (وسيقع قريبا) هم نجس منحهم الوطن كل ما يتمناه مواطن من خيرات وأمن ورغد عيش وتعليم، ثم استهوتهم ثقافات من علموهم، رغم خلوها من قيم إسلامية نعتز بها ونفخر، وعندما شهد الوطن تحولا إيجابيا سريعا حقق لهم ما لم يحلموا به، مما لا يتعارض مع شرع الله وقيم الإسلام، تمادوا في غيهم وغرورهم وأدى بهم الغباء الذي عادة ما يصاحب الغرور أن استعانوا بقطعة من أرض الوطن خصصت كسفارة للإساءة للوطن! فأي غباء وخسة تجعلهم يستعينون بقطعة صغيرة من الأرض ضد كل الأرض التي منحتهم كل ما حلموا به وما لم يحلموا به؟!!، ويتجسسون عليها ويغدرون بها ويشون بها ويسربون أسرارها للعدو وأرضنا تعيش حالة دفاع وحماية وحرب وعلى حدودها حماة يسقونها بدمائهم.

* كاتب سعودي

www.alehaidib.com