-A +A
مي خالد
هناك مرض نادر يصيب الفيلة في دول شرق آسيا كتايلند وفيتنام وكمبوديا يتسبب في تغير لونها الرمادي ليصبح ورديا. فيظن الناس هناك أنها فيلة مقدّسة ويشترونها بأغلى الأثمان. حتى أنه أحيانا لا يستطيع شراء فيل أبيض أحد غير الحاكم لأن ثمنه مرتفع وعلفه وتكاليف معيشته أغلى. فلا يدري من يُهدى إليه فيل أبيض مقدس هل يبتهج بالهدية أم يحزن من الفاتورة العالية لرعاية هذا الفيل.

والفيل الأبيض مصطلح في مجال التنمية الاقتصادية يشير إلى المشاريع الخيالية غير المدروسة وذات التكلفة العالية دون مردود يذكر. سواء كانت مشاريع حكومية أو للقطاع الخاص.


ولهذا الاستعمال الاقتصادي قصة طريفة حدثت في القرن التاسع عشر، وهي أن أحد أصحاب السيرك في أمريكا قرر تطوير سيركه ورفع أسعار التذاكر بعد أن قرأ إعلاناً عن بيع حاكم بورما فيله الأبيض المقدس. وبعد أن اشتراه بكل ما يملك من أموال ودفع تكاليف شحنه عبر القارات والبحار اكتشف أن الفيل ليس أبيض، بل هو فيل مريض مبقّع باللون الوردي، وتكبد خسارة كبيرة أغلق على إثرها السيرك. هذا على مستوى المشاريع الفاشلة.

أما على المستوى الاجتماعي فإن طبقة الأغنياء في الهند كانوا إذا صعد رجل من عامة الشعب لطبقتهم أقاموا له احتفالاً وأهدوه فيلاً أبيض مقدساً، لا يستطيع أن يركبه ولا يستطيع أن يحمل عليه؛ لقداسته. ومن واجبه أن يطعمه ويرعاه. مما يتسبب في الفقر العاجل لهذا الرجل ويعود لطبقته الاجتماعية السابقة فيتخلص منه الأغنياء.

وأنا أكتب هذه النبذة من سيرة الفيل الأبيض كنت أفكر كم فيل أبيض في وطننا. وكم شخص بيننا تلقى فيلاً أبيض كهدية ؟!