-A +A
عبدالله عمر خياط
اكتشفت ذات عام أن أحد العاملين الأفارقة عندي بلا هوية، فناديته واستفسرت منه ! فقال لي: هذه هي الحقيقة، ليس عندي أي جواز ولا إقامة. فقلت له: لا حول ولا قوة إلا بالله، وتوجهت على الفور إلى سمو وزير الداخلية.. فقال لي: اذهب إلى يوسف فاضل صاحبك، ولن يخذلك.

وكنت أعرف الأخ يوسف من سن الشباب لكنها معرفة غير وثيقة، فقد كنت أراه كل عصر في حارة الشامية بمكة المكرمة يجيء مع صديقه محمد عالم ويجلسان في إحدى البرزات التابعة لمطوف معروف، فإذا جاء المغرب توجها إلى باب زيادة لأداء صلاة المغرب ثم العشاء بعدها، وعلمت أنهما يتسامران بعد صلاة العشاء لكني لم أشاركهما، ثم انتقلت إلى جدة، وسافر الأخ يوسف فاضل في بعثة دراسية إلى مصر حيث التحق بكلية الشرطة حتى تخرجه.


بعد ذلك كنا نلتقي في بعض المناسبات في جدة، وكنا إذا بدأنا الحديث نسمع تعليقات أصدقائنا من أهل جدة يقولون اجتمع «المكاكوة»، وكانت هذه الكلمة سبباً في توطيد العلاقة بيني وبين الأخ يوسف – عليه رحمة الله-.

وشاءت الأقدار أن يسافر العامل المذكور بعد تصحيح وضعه بجواز سفر نيجيري وإقامة نظامية، سافر إلى مصر وتزوج هناك وجاء إلى جدة يطلب إضافة زوجته إلى إقامته، ولما فاتحت الأخ يوسف فاضل، وقد أصبح من قيادات إدارة الجوازات في جدة ضحك وقال أشوف المسألة تطورت، من جواز نيجيري إلى عقد نكاح مصري، إلى إقامة سعودية ! فقلت له وأنا أضحك: الرجل يريد تابعية بدلاً من الإقامة. فقال: الله يوفقه، لكن ما عندي صلاحية إلا بإضافة زوجته إلى إقامته.

هذا هو أخي وصديقي يوسف فاضل، الذي لقي وجه ربه الأسبوع الماضي، وأشهد أنه كان خدوماً لطيف المعشر، وكان أهلاً للثقة التي وضعها فيه ولاة الأمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز – رحمهما الله -.

وقد شرفني اللواء يوسف فاضل في منزلي بعد تقاعده عدة مرات، لكنه كان قليل الكلام، وكان يحسن الإنصات، وكان يترك في نفوس الحاضرين مودة لا تخطئها العين، وقد خدم الدولة في الجوازات وخدم المواطنين دون بيروقراطية أو تكبر، مما يدل على نفس متواضعة تخاف الله وترجو مثوبته.

رحمه الله وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

السطر الأخير:

إن الجديدين في طول اختلافهما *** لا ينقصان ولكن ينقص الناس

* كاتب سعودي

aokhayat@yahoo.com