-A +A
أريج الجهني
يقول البروفيسور ستيف كيمبستر في كتابه (كيف يجب أن يتعلم المديرون القيادة؟) حول تطوير الممارسات والمهارات القيادية، إنه من غير الممكن أن نقترح شفرة جينية لتعليم القيادة، لكن نستطيع القول إن كل قائد لديه هوية مهنية، هذه الهوية تتكون من 3 عناصر الجهد والكفاءة والهوية، فالجهد هو ما يبذله القائد من أنشطة حتى يثبت أحقيته بالقيادة، والكفاءة ما يمتلكه القائد من مهارات وجودة الأداء، أما الهوية فهي هويته المهنية التي يثبتها بالأدلة والبراهين والتي تعزز قدرته وتجعله يظهر كشخص مهني متميز في القيادة.

يؤكد كيمبستر أن «تاريخ الحياة» للقائد يلعب دوراً محورياً في ما سبق، كيف ينظر الإنسان لنفسه؟ ما العناصر التي تكون هويته؟، جميع ذلك يعطي مؤشرات يمكن قراءتها على المدى البعيد، ما حدث في مشاهد الفيديو المتداولة لمعلم يركض ليمسك بالطالب ويحاول ضربه كما ظهر وقد يكون مزاحاً أو غير ذلك، بكل حال نحتاج لمعرفة التفاصيل لاحقاً، لكن لنعد قراءة المشهد من زاوية «الهوية المهنية»، سنجد أن المعلم والطالب والجميع كانوا ضحايا.


لست متعاطفة مع الإساءة لأي طرف داخل أو خارج أي منظمة وتحت أي ذريعة، لكن في كل مرة أجد سيلاً من الاتهامات للمعلمين وخطابات شعبوية ضد وزارة التعليم، متجاهلين الوقائع ماضين بدون تأسيس أو تنظير علمي معتبر، المعلم الذي ركض في الفناء ابن المجتمع، هذا المجتمع الذي نحن مكوناته والخطابات التي نصدرها ليل نهار، فإذا أردنا معاقبته لنعاقب بقية المتهمين من هم يا ترى؟

المؤسسات المجتمعية، الصحة النفسية، الخطابات المجتمعية الرسمية وغيرها، التنمية الاجتماعية، مؤسسة الأسرة والمجتمع المحلي، والقائمة تطول، بشكل أو بآخر يجد المجتمع متعته في إلقاء التهم على الحقل التعليمي والأكاديمي ونحن نتحمل وزر ذلك لحد ما، لكن يبقى التعليم مقيداً ما لم تمتد له يد الثقافة والإعلام وتحتضنه التنمية وتسير به.

هل يدرك المعلم كقائد تربوي هويته من ذاته وهل نحن كمجتمع ندعمه ليفهمها ؟ وهل أيضاً يعي الدور الاجتماعي الذي نفرضه عليه كمجتمع ويمارسه لتربية أطفالنا، تأملوا هذه الأسئلة ولا تندفعوا للإجابة والمحاجة والردود اليقينية، لنجعل الشك منهجنا العلمي، لا تكن متأكداً مما تعلم لأنه ليس بالضرورة أنه وعي حقيقي فقد يكون وعياً مزيفاً، المعرفة مخادعة في بعض الأحيان، القيادة والتربية والتعليم 3 ركائز لا تنفصل عن التنمية ولا يقوم مستقبل بدونها، سنبقى في حلقة مفرغة طالما لا يسمع أحدنا الآخر ولا نخبر الطرف الآخر ما الذي نتوقعه منه ؟ هل سبق ورأيتم رسائل مجتمعية تخبر المعلم والمعلمة بما نريده منهم كمجتمع ؟ أعتقد لا، إذا وجدتم أتحفونا بها وسأعرضها بالمقال القادم.

* أكاديمية وباحثة في قضايا التعليم

Amaljuhani@ksu.edu.sa