-A +A
عبدالله صادق دحلان
البحث العلمي العربي واقعه وتحدياته عنوان فيه تحد كبير لأمة عريقة، وفيه جرس إنذار لأمة لها تاريخ عريق ولكنها تعيش في أزمات افتعلها الآخرون...

إن من تتاح له الفرصة لقراءة التقرير العربي العاشر للتنمية الثقافية والذي أعلن عنه في مؤتمر الفكر العربي السادس عشر في دبي الأسبوع الماضي والصادر من مؤسسة الفكر العربي برئاسة وقيادة أمير الثقافة العربية وراعي الفكر والحوار الثقافي العربي الأمير خالد الفيصل، سيجد قارئ هذا التقرير أن هناك تحديا وإنذارا قد أطلقه التقرير ابتدأ من عنوانه الابتكار أو الاندثار وهو ما حفزني وغيري من رجال الأعمال والمثقفين العرب إلى المشاركة بالحضور لمعرفة التفاصيل.


ومن أقوى وأجمل ما قيل في مؤتمر فكر 16 كان من رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل والذي أوجز وأبلغ وأنذر وحفّز حيث قال:

«تثاءب العرب... واستيقظ الشغب

وتداعت الأغراب... واستفحل الإرهاب

وتوارت الأمانة... واستعرت الخيانة

وتوحش الزمان... واستسلم الإنسان

وعالم... لامتلاك الدنيا... يسابق الزمان

وعرب... تحاول الاحتفاظ بوطن

هناك إبهار... وهنا غبار

ليل هنا... وهناك نهار

تشتت الفكر... وتاهت الابصار

وقتل العرب... وهدمت الديار

وهجّر الرجال... والنساء والصغار

ولأجل ماذا... كل هذا؟

لتحل فرس وروم وعار

وتعم فوضى ودمار

وتكون القدس خيار

ثم قيل... إنه الواقع العربي

أيها الواقع العربي... أفق

كفاك سباتا وكفانا انتظار

ولن نقبل بعد اليوم اعتذار

فما زال لنا عقل وفكر

وكفاح ومسار».

وقال أمين عام جامعة الدول العربية الوزير أحمد أبو الغيط: «إن العالم على عتبة تغيير لا نبالغ عندما ننعته بالتاريخي، وقد وصل الأمر بالبعض إلى وصف مجمل التغييرات الجارية على صعيد العلوم والتكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بـ(الثورة الصناعية الرابعة) في إشارة إلى أن تبعات هذا التحرك الضخم تماثل في عمقها ومداها ما جرى أيام الثورة الصناعية الأولى في القرن الثامن عشر، والتي غيرت الدنيا وبدلت الاقتصاد والسياسة والثقافة».

وقال الدكتور محمد علي الحكيم الأمين التنفيذي للأسكوا: «الابتكار هو تتويج للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، وهو عبارة عن ابتداع حلول جديدة للمشكلات الراهنة أو المتوقعة والتي من شأنها الدفع بالتنمية إلى الأمام. والابتكار الفعلي رافعته البحث العلمي الذي يشمل العلوم الطبيعية والإنسانية على حد سواء».

وقال الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود، رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية: «إنه من الرؤى والتطلعات التي تصبو إليها المدينة، أن تعتمد التنمية الاقتصادية في المملكة على الابتكار، وهو الأمر الذي يتطلب كثيرا من البحوث والتطوير. لذا ستعمل من خلال منظومة البحث العلمي والتطوير التقني في المملكة على تسخير الإمكانيات اللازمة كلها للإسهام في تنفيذ الرؤية 2030 الطموحة، وذلك من خلال عدد من المبادرات والتحالفات الصناعية التقنية لزيادة القيمة المضافة للمنتجات والرفع من تنافسيتها. وتأمل المدينة أن يسهم تنفيذ مبادراتها في تعزيز بناء منظومة وطنية فاعلة للعلوم والتقنية والابتكار، تؤدي إلى استثمار مخرجات البحث العلمي والتطوير التقني في الصناعة. وسوف يؤدي التعاون في تنفيذ تلك المبادرات بين المدينة والجامعات ومراكز البحوث والابتكار في المملكة، بمشيئة الله، إلى إحداث نقلة نوعية في مسيرة البحث العلمي والتطوير التقني فيها».

وكتب الدكتور عدنان شهاب الدين، المدير العام لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي في كلمته: «أن ليس هناك من حل سحري لنهضة الأمة العربية خلال فترة وجيزة، إذ علينا الاجتهاد والمثابرة، وطرق جميع الأبواب واغتنام جميع الفرص، والتغلب على جميع المعوقات التي تحول دون الإبداع».

وكتب البروفيسور فاروق الباز وهو عالم أمريكي من أصل مصري: «إن تدريب عدد من شباب العرب ليعودوا إلى بلدانهم ويشاركوا في النهضة المنشودة فيها، وما إلى ذلك إلا لقناعتي بأن المشكلات التنموية التي نعانيها، مثل مشكلات المياه والتصحر واستثمار موارد الأرض والأمن الغذائي وسواها، هي تحديات جوهرية، لن نجد لها حلولا إلا عبر المنهج العلمي، والاستثمار في الموارد البشرية العربية، ولا سيما الشبابية منها، والانفتاح على الآخر، والعمل الجدي للاستفادة دونما تحفظ من تجارب المجتمعات المتقدمة وخبراتها».

وكتب البروفيسور جورج طانيوس الحلو من جامعة باسادينا في كاليفورنيا: «العلم والتعليم هما مفتاحا المستقبل بالنسبة إلى كل أمة من الأمم وبالنسبة إلى كل جيل أيضا. إنهما يشكلان ضرورة للتعامل مع المشكلات الطبيعية والاجتماعية ولإتاحة النمو الاقتصادي ومواكبة التكنولوجيا، وقد أصبحت الأهمية المركزية للعلم أكثر وضوحا مع تسارع التطور التكنولوجي وتزايد الحاجة إلى قرارات قائمة على العلوم من جانب الحكومة والمجتمع المدني وقطاع الأعمال».

ووفقا للويس باستور: «العلوم لا وطن لها، لأن المعرفة تنتمي إلى الإنسانية جمعاء ولأنها الشعلة التي تضيء العالم، لذا لا يكفي تطوير الروابط وتقويتها بين الأنشطة العلمية في العالم العربي فحسب، بل لا بد أيضا من إنشاء روابط علمية متينة بين الدول العربية والعالم».

ولتحقيق الطموحات يحتاج العالم العربي إلى الاستقرار، حيث يقول خبير السياسة الخارجية الأمير تركي الفيصل:«إن ميزان القوى العالمي تغيّر وتغيّرت معه موازين القوى الإقليمية، ودخلت منطقتنا في فراغ استراتيجي أظهر طبيعة التحديات التي تواجه دولنا العربية داخليا وخارجيا. وأكّد أن الصراع العربي الإسرائيلي هو الصراع المحوري في المنطقة وهو بؤرة عدم استقرارها منذ بدايته حتى اليوم».

انتهى المؤتمر وأتمنى على كل مثقف قراءة التقرير الثقافي السنوي لمؤتمر فكر 16.

* كاتب اقتصادي سعودي

abdullahdahlan@yahoo.com