-A +A
أنمار مطاوع
مشكلة الإسكان التي تواجه المجتمع ككل وتواجه أي خطوة تقدمية نحو تحقيق حلم (الإسكان) هي أن معوقات هذا المشروع -أو مجرد فكرته- مرتبطة بخيوط حديدية موزعة على أطراف متعددة ذات مصالح متنوعة. بداية الخيوط هي هيئة المواصفات والمقاييس، فهي تضع المواصفات والمقاييس العالية (جدا)، وبالتالي ترتفع تكلفة القيمة الحقيقية لإنشاء مبنى سكني خاص -فيلا، دوبلكس، عمارة..- عدة أضعاف. الأسباب قد لا تكون منطقية، ولكنها واقع. يقول أحد ذوي الاختصاص إن (كل المباني) توضع لها مواصفات عالية توازي مواصفات المباني الحكومية ذات الضغط العالي -حتى إن كان للاستخدام الخاص-؛ وكأن فكرتهم أن يكون قابلاً للاستئجار الحكومي.. لأي إدارة حكومية!! بمعنى أن (الكود المحلي) المطبق في هيئة المواصفات والمقاييس ليس اقتصادياً ولا يتماشى مع (الكود العالمي) الاقتصادي المطبق في البناء الحديث.

وتنتهي تلك الخيوط الحديدية بثقافة المجتمع؛ وهي عدم قناعته بطرق البناء الاقتصادية الحديثة؛ رغم أن تكلفتها لا تصل لـ50% من تكلفة البناء التقليدي. هناك مصالح شخصية متعددة الطبقات وشركات كبرى تقف خلف هذه الثقافة الاجتماعية. فتغيير هذا المفهوم.. والتحول لطرق البناء الحديثة سيحدث أضرارا كبرى بمصالحهم الشخصية.. سيقاومون ذلك التوجه لآخر مرحلة، وينشرون ثقافات مضادة؛ مثل: بيوت الكرتون، والبناء الورقي، ومنازل الفلين.. وعمارة الفيبر جلاس.. وما إلى ذلك من مصطلحات وعبارات تشوش على قناعات المواطنين بالتحول نحو البناء الاقتصادي العالمي الحديث. علما أن طرق البناء الحديثة تتفوق في الجودة عدة أضعاف على الطرق التقليدية بكل مميزاتها، إضافة إلى سرعة تنفيذها التي تصل لعدة أيام أو أسابيع في أطول حالاتها.


البناء حسب مواصفات (صداقة البيئة) ترفع من سمعة أي دولة في الأمم المتحدة؛ التي تدعم المباني الخضراء وتعادي بكل قوة المباني التقليدية.

التحول الداخلي نحو البناء الحديث لن يكون سهلاً لا على وزير الإسكان ولا على وزارته.. فأصحاب المصالح الشخصية كانوا ضد الفكرة.. وحاليا هم ضد الفكرة.. وسيظلون ضد الفكرة لآخر الطريق. الحل يكمن في فتح المجال أمام الشركات العالمية من شرق العالم وغربه للاستثمار في البناء الأخضر الحديث محليا. الأراضي شاسعة ومتوفرة. ما تحتاجه الوزارة هو صياغة خطة إستراتيجية لتغيير ثقافة المجتمع وإقناعه بحقيقة أن البناء الحديث توجه عالمي مناسب للمناخ المحلي والبيئة المحلية بكل تنوعاتها واختلافاتها.. وقد آن أوانه؛ وإن تأخر كثيرا.

anmar20@yahoo.com