-A +A
عيسى الحليان
يجب أن يعذرنا الجميع عندما نقول إن هذا المشروع الوطني أو ذلك يحتاج لإرادة سياسية، فليس معنى ذلك عدم وجود الإرادة، ولكن لأن هذه الإرادة هي من يدفع بالموضوع إلى الأمام ويؤدي إلى إخراجه من دوامة المنظومة الورقية، والانتقال به من دائرة الأبحاث والدراسات إلى أرض الواقع، فنحن أول من أقام محطة تجارب للطاقة الشمسية في المنطقة قبل ٣٨ سنة، ونحن من أول من بادر لإقامة مدينة للطاقة الذرية والمتجددة، ونحن أول من صرح أننا سوف نصدر الكهرباء إلى أوروبا، ورغم ذلك كله لم ننتج كيلوواط واحدا من الطاقة المتجددة طوال نصف قرن، وذلك رغم وجود المال والنطاق الشمسي العريض حتى تراكمت تكاليف إنتاج الكهرباء وتضاعفت متطلبات الاستهلاك من النفط والغاز من خلال ٤٨ محطة كهربائية بين بخارية وغازية ظلت تلتهم نسبة متزايدة من مقدراتنا الوطنية من الوقود الأحفوري عاما بعد عام، إلى أن جاء هذا الأمير الفذ (محمد بن سلمان) ليجعل من هذا الحلم الوطني حقيقة واقعة ولأول مرة في تاريخ المملكة.

اليوم وبعد طول انتظار يأتي الفرج دفعة واحدة لم يتوقعها أحد بإقامة هذا المشروع العملاق، الذي يعتبر نقلة هائلة في استخدام الطاقة المتجدة عموما، وفتحا في مجال الطاقة الشمسية في العالم أجمع على وجه التحديد، إذ كان إطلاقه مع مؤسسة عالمية عملاقة مفاجأة لأوساط الطاقة في العالم أجمع وهو ما يتجاوز كل الإنجازات التي حققتها الصين في هذا المجال طوال تاريخها، وإذا كانت تكاليف الإنتاج تصل إلى ٢.٥ سنت، فإن المملكة لن تكون مؤهلة لتغطية الطلب المحلي فحسب، وتوفير هذه الموارد الكبيرة التي تهدر من النفط والغاز، وإنما لتصدير الكهرباء للدول المجاورة بحكم الجدوى، وربما تصبح هذه الطاقة الجديدة واحدة من الموارد المالية للمملكة بعد حقبة ٢٠٣٠، ليس هذا فحسب، وإنما مصدر للخلايا الشمسية وتقنيات الإنتاج في العالم.


وفي اعتقادي أن هذا المشروع من أهم المشاريع، بل والتحولات الاقتصادية الحقيقية التي حدثت في المملكة قاطبة خلال ربع قرن، لما سوف يترتب عليه من نتائج اقتصادية مباشرة وغير مباشرة، ربما نستعرضها في مقال لاحق.