-A +A
عبدالعزيز النهاري
مئات الآلاف من الوظائف التي ينتظرها الشباب تصافحنا بين الحين والآخر، من خلال تصريحات بعض المسؤولين ومن خلال التقارير التي تنشرها وسائل الإعلام مجتمعة عن الخطط والمشاريع القريبة والبعيدة، وعن زخم الاستثمارات المحلية والأجنبية المنتظرة، تلك الوظائف التي ما زالت مؤجلة، ولا أبالغ إذا قلت إنها ومن خلال إعدادها، ستكون كفيلة بالقضاء على البطالة ليست في بلادنا فحسب وإنما في دول أخرى تشتكي البطالة أيضا، وبالطبع فإن نسبة البطالة لدينا ستزداد مع نهاية كل عام جامعي نشهد فيه تخريج آلاف الخريجين والخريجات الذين سيغذون هيئة الإحصاءات العامة بأرقام جديدة من السعوديين العاطلين الباحثين عن عمل حيث بلغت أعدادهم في الربع الثالث من العام الماضي 2017م ( 1.231.549) منهم حوالى مليون فتاة سيقبلن بالعمل خارج نطاق ومجال تخصصاتهن بحثا عن مصدر رزق، وهو حق مشروع لكل إنسان، وقد أصبحنا نرى بناتنا «الكاشيرات» وموظفات أمن واستقبال ومفتشات وهي مهن لا عيب فيها غير رواتبها المتواضعة، وقد قبل بها بناتنا لمواجهة أعباء الحياة وتكاليف المعيشة الآخذة بالارتفاع في كل جوانب الحياة حتى وصلت إلى رغيف الخبز.

الذي دعاني إلى التطرق لهذا الموضوع تلك الفتاة التي تدخل عامها الثاني باحثة عن عمل بعد أن طرقت كل أبواب مجالات تخصصها الذي التحقت به واجتهدت فيه، لأنه مما يقال عنه إنه أحد التخصصات التي يطلبها سوق العمل، وقد كانت المسكينة تظن بأن سوق العمل هذا سيفتح لها ذراعيه، كما تقول وزارة العمل، ومن ينتمي إليها ومن يحوم في حماها من المسؤولين في الجامعات والوزارات والشركات وأعضاء مجلس الشورى، الذين يصرون على ضرورة توافق مخرجات التعليم مع سوق العمل، ويؤكدون على جزء من مشكلة البطالة وعزوف أرباب العمل عن تشغيل المواطنين، هو مجالات تخصصاتهم، وهي مقولة أجزم بأنها لم تعد واقعا معاشا إذا ما أجرينا أي دراسة علمية بسيطة تهدف إلى حل هذه المشكلة التي عجز عن حلها سلسلة من الوزراء، ومجموعة من الوزارات على مدار السنوات الماضية، وهو ما يتطلب محاسبة دقيقة لكل من له علاقة بهذا الوضع، تلك المحاسبة التي هي أحدى وظائف مجلس الشورى المنشغل أحيانا ببعض الأمور الأقل أهمية.


لقد اتخذت في الفترة الأخيرة عدة قرارات ومنها إنشاء وكالة في وزارة العمل لتوظيف السعوديين بالقطاع الخاص، وقبل ذلك أعلن عن إجراءات متعددة القنوات والمسؤوليات، وكلها تصب في اتجاه توطين الوظائف وتوليدها وإزالة أي عقبات تحول دون العمل على تخفيض نسبة البطالة بين شبابنا إلى الحد الطبيعي المقبول منطقيا وليس إلى نسبة 34% كما قال عضو مجلس الشورى فهد بن جمعة.

أبناؤنا وبناتنا يصرخون «أرجوكم وظفونا»، والمشكلة لها عدة أبعاد، وتضم عدة جهات وتحتوي على سلسلة مترابطة من مسؤوليات حزمة من المرافق الحكومية والأهلية، والحل مطلوب، وحتى تؤخذ على محمل الجد اقترح أن يتولى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية هذا الملف، ويلزم الجهات المعنية بإيجاد حل عمل غير تنظيري، خلال فترة محددة وليست مفتوحة، وأن يكون ملف البطالة هما وطنيا، وقضية تشغل كل مسؤول في عهد التغيير الذي نعيشه.