-A +A
صالح الفهيد
لم ألعب «البلوت» قط، فشلت في تعلمها منذ وقت مبكر، رغم المحاولات المتكررة والجادة والصبورة من قبل بعض الرفاق لتعليمي أسرارها، تناوب أكثر من صديق على شرح اللعبة نظريا وتطبيقيا، لكن دون جدوى، كان شيء داخلي نفسي وعقلي يحول دون تعلمي هذه اللعبة التي أسرت عقول الملايين من السعوديين، فما أن يبدأون تعليمي حتى أصاب بتناحة تكفي لكل البشرية، نفد صبرهم علي وتركوني، فبقيت ضمن قلة قليلة في هذه البلاد لم يلتحقوا بحزب «البلوت»!

كنت أجيد لعبة «الكنكان» لكن دون تميز، أستطيع أن أصنف نفسي بأنني لاعب جيد، ومع هذا سعدت كثيرا بالإعلان عن إطلاق بطولة المملكة للبلوت، لقناعتي بأن إثراء الفعاليات الاجتماعية بالمسابقات والبطولات والمهرجانات الترفيهية المتنوعة يساعد كثيرا في تحسين جودة الحياة في بلادنا، ويتيح فرصا واسعة أمام الشباب لتقضية الأوقات المسلية بممارسة هواياتهم بشكل منظم، ويعزز ويدعم الحياة العامة للمجتمع السعودي.


لقد كنا نشاهد في المجتمعات المتقدمة أشكالا كثيرة من المسابقات الترفيهية التي تعكس اهتمامات هذه الشعوب وحضارتها، مسابقات ومهرجانات لكل شيء.. للكبار والصغار.. للرجال والنساء.. وبعضها تتناقلها القنوات التلفزيونية ووكالات الأنباء إما لطرافتها أو لغرابتها أو لأي سبب آخر..

لدي قناعة كاملة بأن مثل هذه الأنشطة ستساعد في الحد من الظواهر السلبية في المجتمع، وأي نشاط بريء يتاح أمام الشباب سيساهم في صرفهم عن أنشطة وهوايات ضارة، وسيحتويهم ويشغل أوقات فراغهم بما يجنبهم مزالق المغريات السيئة والضارة.

لقد أصيبت حياتنا بالتصحر طيلة عقود، وكانت حياتنا الاجتماعية العامة فقيرة من المسليات والترفيه البريء، ووجد الشباب أنفسهم يدفعون من حيث لا يدرون إلى الاستراحات المغلقة خلف الجدران الطويلة، حيث تعيش كل مجموعة من الرفاق حياتها السرية البعيدة عن رقابة أهاليهم ومجتمعهم، وتعمقت جدران الفصل والعزل بين الجنسين على نحو لم يحدث في أي مجتمع آخر يعيش على هذا الكوكب.

وها نحن نبدأ مشوار العودة للحياة الطبيعية كالتي تعيشها كل المجتمعات، وأنا على ثقة بأن مجتمعنا السعودي قادر وبسرعة على بناء حياة طبيعية، وسيحد كثيرا من الظواهر السلبية التي أفرزتها وأنتجتها سنوات التصحر الاجتماعي.

وإذا كانت بطولة «البلوت» هي الأولى من هذا النوع، فمن المؤكد أنها لن تكون الأخيرة، وستكون هناك بطولات ومسابقات ومهرجانات وملتقيات لكل الألعاب والهوايات.

ملحوظة: العنوان هو مطلع «منلوج» عن لعبة البلوت للراحل لطفي زيني.