-A +A
حمود أبو طالب
غير صحيح بعض الأحكام المطلقة التعميمية على شبابنا بأنهم منصرفون عن الثقافة اهتماماً ومشاركةً وحضوراً فاعلاً وإنتاجاً ثقافياً وأدبياً، بسبب انشغالهم التام بمنتجات الحاضر المختلفة التي لا علاقة لها بالثقافة بمفهومها الشامل، وتركيزهم على نشاطات ذهنية لا ثقافية، وانحصار اهتمامهم بأشياء سطحية ليست لها قيمة في بناء وتنمية الوعي والوجدان. التنوع والاختلاف في الاهتمامات موجود في كل زمان ومكان، ولكن من غير الممكن أن يتناقص الاهتمام بشأن محدد إلى حد انتفاء وجوده.

وعندما نقول بوجود شريحة لا بأس بها، وربما شريحة كبيرة من شبابنا تهتم كثيرا بالثقافة والأدب فهذا واقع تؤكده شواهد كثيرة، وفي آخر مناسبة ثقافية شاركت فيها ترسخ لدي اليقين بأن لدينا جيلا جديدا لم تجرفه ماديات العصر تماما عن الثقافة، بل أصبح شريكا فعالا في الاحتفاء بها وإنتاجها والمشاركة في إثرائها. كانت المناسبة هي الأمسية التي أقامها نادي جازان الأدبي احتفاءً بالروائي عبده خال لسرد تجربته الطويلة بمناسبة اليوم العالمي للقصة مساء الخميس الماضي.


لقد كان معظم حضور الأمسية من الشباب الذين أنصتوا باهتمام، وشاركوا بمداخلات واعية وأسئلة مهمة، تنم عن متابعة للمنتج الأدبي واشتغال به، بل إن عدداً منهم فاجأنا بإنتاجه الأدبي، شعراً وقصةً وروايةً، مبتهجاً بتوزيعه على الحضور كتأكيد على وجود جيل مثقف سيكون له شأن في الحركة الأدبية السعودية. وبالتأكيد فإن كل منطقة تزخر بمثل هذه النماذج المبهجة.

هذا الواقع يجعلنا نكرر المطالبة بضرورة عدم إهمال المرافق الأدبية والثقافية وتهميشها بناء على فرضية خاطئة بأن الأجيال الجديدة لا تهتم بها، فالواقع الراهن لهذه المرافق يشير إلى أنها لا تلقى الاهتمام اللائق بها وبضرورة وجودها وأهميته، فكل الدول التي تفوقت في العلوم والتقنيات لم تهمل شأنها الثقافي ولم تخرجه من قائمة اهتماماتها، لأن الثقافة والأدب هوية المجتمع وبصمته في كل العصور.