رضوان السيد متحدثا للزميل علي الرباعي. (عكاظ)
رضوان السيد متحدثا للزميل علي الرباعي. (عكاظ)
-A +A
علي الرباعي (الجنادرية)Al_ARobai@
يؤكد أستاذ الإسلاميات الدكتور رضوان السيد أن تحقيق السلام العالمي منوط بإعلاء قيمة الرحمة القائمة في العلاقة مع الله والواجب تعزيزها في علاقة الإنسان بنفسه وبالآخرين، إضافة إلى التعارف وأن فلسفة العمل وأخلاقية العمل المترتبة على الرحمة والتعارف تتمثل في الضرورات الخمس، التي هي مقاصد الشريعة، لافتاً إلى أن قيم الإسلام السابقة قيم عامة نلتقي فيها مع جميع الأمم، وتحكم أخلاقيات العمل الإسلامي.

وأوضح السيد لـ«عكاظ» أن المجددين من علماء المسلمين منذ مطلع القرن العشرين اشتغلوا على ترسيخ هذه القيم وتأصيلها، وعدّها من لوازم مكافحة ظاهرة الإرهاب والتطرف، إلا أن الخرق اتسع على الراقع ولم تعد تكفي ردود الفعل الاجتهادية، بما في ذلك تجديد الخطاب الديني كوننا اشتغلنا كثيراً على النهي عن المنكر وأهملنا الأمر بالمعروف، مؤكداً أهمية جلب الفوائد والمنافع، من خلال تقديم رؤية جديدة للتعامل مع العالم عبر سردية كاملة تستند إلى ثوابت الدين.


ودعا إلى تجديد التفكير في معالجة الظواهر المتفلتة، والنوازل الكبرى التي نزلت بديننا وأمتنا، مشيراً إلى أن السياق اليوم يخلط بين التشدد والتطرف، موضحاً أن التشدد موجود تاريخياً من خلال فهم معين للدين من بعض الأفراد وبعض الجماعات، مهوناً من شأن التشدد إذا كان محصوراً في تشدد إنسان في عبادته وتأطير نفسه بإطار تعبدي مبالغ فيه، إلا أنه عندما يدعو إلى تشدده ينتقل إلى التطرف، ثم يصبح إرهاباً إذا مورس العنف وفق قناعات متشددة. وبشّر السيّد بإمكان التخلص من العنف والتطرف في زمن آت، وذلك عندما لا تعود تتوفر لها مستندات دينية تأويلية تدعمها فئات من الناس وتشجع بعض الأفراد على العنف، إضافة إلى العوامل الخارجية المعينة على العنف في ظروف خارجة عن إرادة الداخل العربي والإسلامي، ما يؤكد استغلال أطراف خارجية للتشدد والتطرف وتحويله إلى إرهاب لغايات سياسية. ويرى أن العرب والمسلمين يمكنهم تحجيم التشدد والتطرف من خلال تفكير واع واستيعاب لمفهوم الرحمة وتفعيل مراد الله من الأمر بالمعروف، لافتاً إلى أن مشروعه خلال الحقبة المقبلة يتمثل في تفكيك آليات التشدد بإعادة التفكير في وسائل للتراحم وتأصيل قيم الأمر بالمعروف، ليكون استغلال الدين في تبرير النصوص العنيفة مستحيلاً، عبر منظومة شاملة.

ويؤكد السيد أن التحول في السياسات الإقليمية والدولية نحو الأنسنة وإعلاء شأن التعارف والتكامل، والصراع على مناطق النفوذ، ومواقع الأزمات يحد من أمراض العصر الفكرية والوجدانية، مشدداً على ضرورة إزالة المستندات الدينية والبيئات الحاضنة للعنف ومكافحتها على أن لا تتساهل الدول في تحجيم الصراع والمواطن المؤججة للعنف والتطرف. وحذر السيد من أن تكون علاقتنا ببعضنا قائمة على الكراهية ما يدخلنا في كراهية الآخر، ويؤجج بؤر التوتر من حولنا ما يشغلنا عن تنمية أوطاننا والاستفادة من قدرات شبابنا وهدر الطاقات في مواقع صراع لا ناقة لنا فيها ولا جمل. وقال إن أصل الشر كله في الاعتقاد بأن الإسلام دين ودولة، وليس دينا ودنيا فقط، مشيراً إلى أن من لديه مشروع سياسي اعتقادي يؤسس لنفسه أرضية لممارسة العنف كونه يظن أن مشروع إقامة الدولة ركناً من أركان الدين ويعتقد أن السعي لتطبيق هذا الركن ضرورة شرعية ويبذل كل ما في وسعه لتحقيق حلمه المشرعن بأدبيات ظنية، وكل ما سنحت له فرصة يمارس العنف بذريعة إقامة الدولة أو تطبيق الشريعة أو فرض المشروع كما حاول أسامة بن لادن والبغدادي، مغفلاً الرحمة والمعروف والضرورات الخمس.

وأبدى السيد دهشته ممن يظن أن الإسلام قائم على رؤية سياسية أو نظام للحكم يجب السير عليه لأن المسلمين عاشوا تحت أنواع متعددة من أنظمة الحكم، وكانوا يرون أن الإمامة والرئاسة السياسية تدبيرية ومصلحية واجتهادية وليست تعبدية، مؤكداً أن محاربة شعارات الإسلام هو الحل، أو الإسلام دين ودولة، وغيرها من الشعارات المشابهة جزء من مشروع الحد من التطرف والإرهاب. وعدّ الأحزاب السياسية، ومنها الإخوان وحزب الله، مضرة بالدين والدولة، كون الدولة الدينية ما كانت ممكنة وما عادت ممكنة، لافتاً إلى أن الدولة الإيرانية لا يمكن أن تبقى وتدوم تحت حكم الملالي، وولاية الفقيه، كون الشعب الإيراني متذمراً ويتطلع لتغيير حكم يعبث بشعبه ودول جواره، وكله باسم الدين وهذه مصيبة كبرى على الدين. وامتدح السيد نضال الشعوب ضد الأحزاب الدينية بمن فيهم الشعب الإيراني الحالم بالخروج من سطوة خامنئي، وشدد على أن مكافحة أي مشروع حزبي مؤدلج واجب وطني وأخلاقي لأن ذلك خدمة لديننا ومجتمعاتنا وحماية له من الأهوال التي أنزلها بهم جماعات الإسلام السياسي ما أسهم في تشويه دين الإسلام القائم على التراحم. وذهب السيد إلى القول إن شيخ الدين بدأت تتراجع أسهمه بعد أن أحرق أوراقه بنفسه، وانكشفت نواياه للشعوب الواعية بخطورة شيخ الدين وطموحاته لنيل السلطة عليه، واصفاً المجتمعات العربية والإسلامية بالمدنية والطامحة للأمن والاستقرار، مشيراً إلى الحاجة إلى المؤسسات الدينية التنويرية والفاعلة بشيوخ الدين غير الحزبيين.