دول عربية تحظر «الصيدلة» على غير مواطنيها !
دول عربية تحظر «الصيدلة» على غير مواطنيها !
-A +A
حسين هزازي (جدة) h_hzazi@، نادر العنزي (تبوك) nade5522@، أمل السعيد (الرياض) amal222424@، فاطمة آل دبيس (الدمام) @fatimah_a_d

21.5 ألف وافد يزاحمون السعوديين العاطلين .. وتجار بلا رغبة .. ورواتب متدنية



علمت «عكاظ» من مصادر مسؤولة في وزارتي العمل والتنمية الاجتماعية والصحة عن تخطي الصيدليات المرخصة للعمل في مدن المملكة حاجز الـ 8500 صيدلية، وبلغ عدد الوافدين المسجلين في مهنة «صيدلي» 21530 وافدا، في وقت لا يزال خريجو كليات الصيدلة يعانون من إيجاد فرص عمل في تلك الصيدليات التجارية التي تغزو طرقات المدن.


ويبدو أن مهمة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في اختراق قطاع الصيدليات لتوطينها ليس بالأمر السهل، إذ لا تزال الصيدليات عصية على التوطين، ويعزو رئيس مجلس إدارة الجمعية الصيدلية السعودية الدكتور خالد البريكان الأمر إلى عدم وجود «رغبة جادة» عند بعض الصيدليات في توظيف الصيادلة السعوديين.

ويؤكد البريكان لـ«عكاظ» اشتراط وجود «مدير صيدلية» عند افتتاح أي صيدلية في كثير من الدول المتقدمة، مطالباً أن يتخذ النظام الصيدلي في السعودية ذات الإجراء «على الأقل نضمن أن يكون هناك مدير صيدلية سعودي في كل صيدلية».

وطالب البريكان بإعادة نظام العمل في الصيدليات الخاصة، على أن تخضع إلى نظام واضح من حيث عدد ساعات العمل، إضافة للراتب الشهري والحوافز، حتى يكون هناك تنافس ورغبة بالعمل في الصيدليات الخاصة من جانب الصيادلة السعوديين، مستدركاً «بدأت وزارتا العمل والصحة بخطوات إيجابية من ضمنها السماح للصيدلانيات السعوديات العمل في صيدليات المجتمع في المجمعات التجارية، ما أدى إلى توظيف عدد لا بأس به».

ورغم الأخبار الإيجابية القادمة من وزارة العمل، بعد أن أكد المتحدث باسم الوزارة خالد أبا الخيل في حديث إذاعي أدلى به أخيراً علمهم بالمراحل الأخيرة لتوطين قطاع الصيدليات بالتعاون مع هيئة الغذاء والدواء ووزارة الصحة، إلا أن الواقع يشي بتحديات كبيرة قد تواجه مساعي التوطين.

ولا تزال رواتب الصيادلة العاملين في الصيدليات التجارية منخفضة مقارنة بنظرائهم العاملين في وزارة الصحة والمستشفيات الأخرى التابعة لجهات حكومية.

وأمام تضارب أرقام خريجي كليات الصيدلة الذين لا يجدون وظيفة في تخصصهم، علمت «عكاظ» من مصدر موثوق في وزارة الصحة، أن الوزارة وظفت 14188 صيدلياً خلال الأعوام الخمسة الماضية من بينهم 1418 غير سعودي.

وكشفت المصادر لـ«عكاظ» أن عدد الصيادلة في وزارة الصحة بلغ 25119 صيدلياً ونسبة السعوديين منهم 22%، وعدد الصيادلة العاملين بالمستشفيات الخاصة بلغ 1599 صيدلياً، وأن هناك 46 صيدلياً يعملون في المجمعات الطبية العامة والمتخصصة، إضافة إلى 1439 صيدلياً يعملون في مؤسسات أخرى مثل المكاتب العملية والمصانع ومستودعات الأدوية.

ويتذمر أحمد مساوى (بكالوريوس في الصيدلة من جامعة الملك عبدالعزيز) في حديثه إلى «عكاظ» من الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الباحث عن الوظيفة في قطاع الصيدلة، منتقداً وزارة الصحة بتوظيفها الأجانب وتجاهلها الخريجين السعوديين رغم حاجتها لهم.

ولا يرى مساوى في القطاع الخاص «تلبية لطموحات خريج الصيدلة»، بسبب تدني رواتبهم.

وتعرج سلوى الحربي (تخرجت في كلية الصيدلة في جامعة الملك عبدالعزيز عام 1434هـ) في حديثها إلى «عكاظ» على الصعوبات التي واجهتها عند بحثها عن الوظيفة منذ تخرجها سواء في القطاع العام أم الخاص، لافتاً إلى أنها لا تزال تبحث عن وظيفة في تخصصها.

وتطرح الحربي المزايا التي تصفها بالفارقة في الوظائف الحكومية عن القطاع الخاص محل مقارنة، منتقدة في الوقت ذاته شح الوظائف التي تعلن عنها وزارة الصحة للصيادلة.

ولا تختلف الحربي مع ما ذهب إليه مساوى بشأن القطاع الخاص، معتبرة أن سنوات دراستها الطويلة لا تتلاءم على الإطلاق مع المقابل المادي في الصيدليات.

وتعتبر خريجة الصيدلة في جامعة أم القرى حنين السهلي في حديثها إلى «عكاظ» أن فرص العمل في القطاع الحكومي وخصوصاً في المستشفيات «ضئيلة جداً»، متمنية أن تكون هناك فرص جيدة في القطاع الخاص، خصوصاً في شركات الأدوية ويمكن اقتناصها والعمل فيها كونها تقدم عوائد مادية جيدة ومنها التأمين الطبي.

وفضلت السهلي العمل في القطاع الخاص بشكل مؤقت لكسب مهارات جديدة حتى تأتي الوظيفة الحكومية.

ويستغرب خريج الصيدلة من إحدى الجامعات الأهلية محمد الشهراني من شح فرص التوظيف في القطاع العام، لافتاً إلى أن دراسة الصيدلة من التخصصات الصعبة والمهمة التي يحتاجها سوق العمل، ورغم ذلك لا «تتوافر وظائف برواتب معقولة».

وأشار إلى أنه تخرج منذ 4 سنوات «وحتى الآن يبحث عن وظيفة جيدة»، واصفاً عمله في إحدى صيدليات الحي الذي يسكنه في جدة بـ«المؤقتة» حتى يتسنى له الحصول على وظيفة.

وينتقد محمد صفحي (خريج الصيدلة في جامعة جازان عام 2016) تجاهل الصيدليات الكبيرة لطلبات توظيفهم، مضيفاً «منذ تخرجي قبل أكثر من عامين وأنا انتظر رد صيدليات كبيرة».

فيما يبحث مهدي حاجي الذي تخرج في أبريل العام الماضي عن عمل، في وقت لا يمانع في أي وظيفة في تخصصه.

.. وعضو شورى: جشع المستثمرين عقبة

رغم تضارب أعداد العاطلين من خريجي وخريجات كليات الصيدلة في الجامعات السعودية، ترجح عضو مجلس الشورى الدكتورة نهاد الجشي (أحد الأسماء البارزة في الأوساط الطبية السعودية) أن يكون الرقم كبيرا، مستدلة بوجود 20 كلية صيدلة في الجامعات الحكومية، و7 كليات أهلية تخرج سنوياً الكثير من الطلبة.

وتعتبر الجشي، في حديثها إلى «عكاظ»، أن توطين وظائف الصيدلة «لا يزال أقل من المأمول»، لافتة إلى أن وجهة الخريجين الوظيفية عادة تكون إلى القطاع العام كوزارة الصحة، أو القطاع الخاص.

وترى أنه مع قرار وزارة الخدمة المدنية القاضي بإسناد التوظيف المباشر للقطاعات الصحية «قد يتفاقم الوضع».

وتنتقد الجشي تركيز الجامعات في تدريسها للطلبة على الصيدلة الإكلينيكية «وهو تخصص مهم ولكنه يحصر خريجيه في ممارسة العمل غالبا في المستشفيات»، موضحة أنه يُحد من فرص توظيفهم في الأماكن الأخرى كالمختبرات ومصانع الأدوية أو الصيدليات العامة.

من جهته، يستغرب عضو مجلس الشورى الدكتور صدقة فاضل من الحاجة الملحة للصيادلة السعوديين في وقت يتم التعاقد مع آلاف الصيادلة الأجانب أمام بطالة الخريجين السعوديين.

وطالب فاضل بإحلال السعوديين محل الوافدين وتفعيل الحلول، مؤكداً أن مؤهلات السعوديين أفضل من الأجانب، «إلا أن الجشع الذي يعاني منه المستثمرون في القطاع الخاص يجعلهم يعتقدون بأن الاعتماد على العمالة الأجنبية موفر للمال».

دول عربية تحظر «الصيدلة» على غير مواطنيها !

تقضم جنسية عربية نصيب الأسد من كعكة وظائف قطاعات الصيدلة في المملكة أمام ما يمكن تسميته بـ«أزمة الصيادلة السعوديين العاطلين»، في وقت تحظر دول عربية عدة ممارسة مهنة الصيدلة على «الأجانب» وتحصرها على مواطنيها، إلا في نطاقات ضيقة وشروط معقدة، من بينها المعاملة بالمثل.

وتكشف شعبة إلحاق العمالة المصرية في الخارج بالاتحاد العام للغرف التجارية في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن الصيادلة المصريين يمثلون 70% من الصيادلة الأجانب في المملكة، في وقت يمنع القانون المصري مزاولة غير المصري لمهنة الصيدلة داخل مصر بـ«أي صفة كانت»، إلا وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل الذى تحدده نقابة الصيادلة بشروط، وكذلك القانون الفلسطيني.

كما تحظر لبنان مزاولة الأجانب مهنة الصيادلة، إلا بشروط معقدة مع الأخذ بالاعتبار بمبدأ المعاملة بالمثل، وتمنع نقابة صيادلة الأردن انتساب غير الأردني لها ما يعني عدم قدرته الحصول على رخصة مزاولة المهنة من وزارة الصحة الأردنية.

وينص القانون التونسي المنظم لمهن الصيدلة على أنه «لا يمكن لأي كان أن يحصل على مثل هذه الرخصة (رخصة مباشرة مهنة الصيدلة) إن لم يكن تونسي الجنسية»، وتذهب المغرب إلى التشديد على الأجانب في ممارسة الصيدلة، حتى أن ممارسة المهنة تتطلب الإذن من أمين الحكومة بعد استطلاع رأي وزير الصحة.

ويحظر قانون مزاولة المهنة العراقي على غير العراقيين مزاولة مهنة الصيدلة، وصدر قانون جمهوري في اليمن يشترط في الترخيص لمزاولة المهن الصحية (من بينها الصيدلة) الجنسية اليمنية، ويستثني الأخصائيين غير اليمنيين من ذوي المهن الصحية الذين تستقدمهم وزارة الصحة للعمل.