-A +A
«عكاظ» (لندن)

استضاف البرلمان البريطاني في لندن الصحافي والكاتب التركي ياوز بيدر رئيس تحرير موقع «أحوال تركية»، الذي يصدر بثلاث لغات هي العربية والتركية والإنكليزية، لتسليط الضوء على ما آلت إليه الأوضاع في تركيا حاليا، وكانت الندوة برئاسة عضو البرلمان البريطاني سفير بريطانيا السابق لدى أنقرة ديفيد لوغان، بتنظيم من مركز الدراسات التركية وبحضور عدد كبير من السياسيين والمسؤولين ومُمثلي وسائل إعلام غربية وعربية.

وأكد بيدر في الندوة أن كل التطورات التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة تشير إلى أن تركيا دخلت مرحلة تفكك «مفاهيم الجمهورية التركية الديمقراطية»، والانتقال إلى دولة الرجل الواحد.

وعرض بيدر التحوّلات التي شهدتها تركيا منذ العام 2011 وصعود حزب العدالة والتنمية برئاسة الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، وما تلا ذلك التاريخ من سياسات لجأ إليها أردوغان وحزبه للتفرد بالسلطة والاستحواذ على مزيد من الصلاحيات.

واستطرد بيدر عن الأسلوب التدريجي في احتواء القوى السياسية وإذابتها في الواقع الجديد، حيث تجنب استفزاز الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية، إلى أن امتلك قاعدة عريضة من الأتباع، وعندها انقضّ على الخصوم تباعا حتى ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، لافتاً إلى أن تركيا اليوم يحكمها رئيس شبه مطلق الصلاحيات يستثمر الأوضاع الاستثنائية في منح نفسه مزيدا من الصلاحيات.

وبحسب حديث بيدر، يشكل التدخل العسكري التركي في سورية صورة أخرى من صور الاستبداد وإطالة أمد الصراع خاصة مع الأكراد لدوافع تتعلق بالداخل التركي وإسكات أصوات المعارضين والاستثمار الانتخابي فيما بعد.

واستعرض بيدر بعض الإحصائيات المتعلقة بعدد المؤسسات المصرفية وغير المصرفية التي تمت تصفيتها بقرار من حكومة أردوغان في إطار الصراع مع فتح الله غولن ثم المؤسسات الصحفية التي تم إغلاقها، متطرقاً إلى ظاهرة الزج بالصحفيين المُعارضين وأصحاب وجهات النظر المخالفة للدعاية السياسية السائدة في السجون وهي ظاهرة لم يسبق لها مثيل في تاريخ تركيا الحديث.

وعن توقعاته حول مستقبل الأوضاع في تركيا خاصة مع وجود انتخابات قادمة في العام 2019، قال بيدر إنّ حزب العدالة والتنمية ماضٍ في توسيع قاعدة النفوذ، رافق ذلك الصلاحيات الواسعة التي تمّ منحها للرئيس من خلال الاستفتاء الدستوري، وكل ذلك يمنح فرصة كبيرة للحزب الحاكم في التغلب على الخصوم السياسيين.

وأشار إلى أن فرص تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي تتضاءل يوما بعد يوم، مبيناً أن تركيا اليوم لديها مشاكل وتعقيدات في علاقاتها مع العديد من الدول الأوربية المهمة، فهنالك سجالات شبه متواصلة مع ألمانيا وتوتر في العلاقات، وكذلك الحال مع هولندا التي سحبت سفيرها من أنقرة، وقبلها مع النمسا وغيرها.

وأوضح أن هذا الواقع لا يوفر لتركيا فرصة إقناع الأوربيين لاستمرار مفاوضات الانضمام، خاصة مع تطبيق قانون الطوارئ الذي ضرب حقوق الإنسان الأساسية في تركيا في الصميم.

وحذر بيدر بأن الصراع مع الأكراد الذي انتقل إلى الخارج من خلال التوغل في شمال سورية عسكريا مرشح لأن يتحول إلى أزمة من المستبعد أن تكون قصيرة الأجل كما تصرح بذلك الحكومة التركية، بل إنه صراع عسكري مرشح لأن يمتد لزمن أطول، واختتم بيدر حديثه بالقول إنّ تركيا السابقة هي ليست تركيا اليوم ومن الصعب أن تعود.