آل طالب
آل طالب
-A +A
«عكاظ» (مكة المكرمة)
أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور الشيخ صالح آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل فهي خير وصية وأكرم سجية وهي وصية الأنبياء وحلية الأصفياء و نعم الزاد عند اللقاء فالمتقي حقا من آمن بالله الواحد الصمد وصاغ حياته وفق أوامره ونواهيه وأيقن أن المبتدأ منه والمنتهى إليه فجعل له ما بين المبتدأ والمنتهى.

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: أولادكم أمانة الله في أعناقكم ووديعته بين أيديكم وتربية الأولاد والعناية بهم والاستثمار فيهم من أعظم التجارات المربحة في الدنيا والآخرة التي يجب أن يقدمها العاقل على كل أمور الدنيا والتربية تعني صناعة الإنسان وهي تحصيل للمعرفة وتوريث للقيم كما أنها توجيه للتفكير وتهذيب للسلوك وتشمل كل مجهود أو نشاط يؤثر في قوة الإنسان وتكوينه.


وبين فضيلته أن التربية هي التي تبني خلق الناشئ على ما يليق بالمجتمع الفاضل وتنمي فيه جميع الفضائل التي تصونه من الرذائل ومن أهمية التربية أنها أصبحت استراتيجية للدول توضع الميزانيات والخطط والسياسات من خلال التربية لتحقيق الأهداف التي يريدون أن يسير الناس عليها وترى كل أمة أنها من سيادتها وخصوصياتها التي لا تساوم عليها بل إنها صناعة الإنسان.

وأوضح آل طالب أن الذرية الصالحة من البنين والبنات أمنية كل عاقل فالولد الصالح قرة عين لوالديه إن حضر أسره وإن غاب أمن عليه واطمأن له يدعو لوالديه في حياتهما وبعد موتهما فهو امتداد للأجل ورفع للذكر وحسنات دائمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ومنها ولد صالح يدعو له» رواه مسلم، فالمسلم يربي ولده قيام بالواجب الشرعي وأداء للأمانة التي حمله الله إياها.

وقال فضيلته: حين ترى مشاهد المنحرفين والمتمردين على الآداب والقيم والشاردين عن الصواب تتساءل من ربّى هؤلاء ومن المسؤول عن إنتاج هذا الجيل، إنها التربية القاصرة بل إنها إهمال التربية، مشيرًا إلى أن جيلا بهذا التدني مع الانفلات الأخلاقي وانعدام الثوابت وغياب الهدف لا يرفع أمته ولا يدافع عنها بل هو وبال على مجتمعه وعبء عليه فلا بد من وقفة جادة مع أنفسنا وأولادنا من البنين والبنات ومقاومة الشرور التي تستهدف الجيل وتكتسح القيم.

وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام, أن التربية ليست مجرد توفير الطعام واللباس والمسكن بل التكليف بتنشئة الأبناء على الإيمان والعمل الصالح، مستشهدًا بقول الله عز وجل «وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى»، لافتاً إلى أن التربية الصالحة هي التي ترسخ لدى المتلقي هويته الإسلامية وانتمائه الصحيح وتحفظه أمام التحديات الفكرية بأن يكون أكثر وعيا ومقاومة للانحرافات التي تشكك في الثوابت الدينية والقيم النبيلة المتأصلة في مجتمعنا المسلم حتى لا ينصهر الجيل ويذوب فيصبح مجرد رقم بين المخلوقات.

وشدد فضيلته على أن أخطر مرحلة يمكن التعرض فيها للتأثر هي مرحلة التشكل وهي المرحلة المدرسية لقوة العاطفة والاندفاع وقلة العلم والتجربة فالسنوات الأولى هي فترة التطور الأكثر في حياة الفرد وهي السنوات الأكثر ضعفا في حياته فإذا كان الطفل محاطا بالرعاية والتأثيرات الدائمة والإيجابية فسوف ينشأ ناجحا قادرا على العطاء.

وأشار إلى أن أول طريق لصلاح الأولاد هو دوام اللجوء إلى الله بالدعاء لهم فإن الدعاء للذرية آيات تتلى في القرآن وسنة خليل الرحمن ودعاء الأنبياء والمرسلين وأمنية من أماني الصالحين، مبينا أن الركن الأساسي للتربية هو القدوة الصالحة المتمثلة في الأبوين ثم ربطهم بالقدوات الصالحة من الصحابة والسلف الكرام واختيار الرفقة الصالحة لهم من الأصحاب وكل مصدر للتلقي وخاصة ما عمّ في هذا الزمان من سهولة التواصل عبر شبكة المعلومات والأجهزة الحديثة التي غزت كل البيوت.

ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام إلى تعويد الأبناء على الصلاة والمحافظة عليها وتنشئتهم التنشئة الإسلامية الصحيحة وتطهير البيوت من المنكرات وتعليمهم الخير وغرس حب السنة والاقتداء بأهل العلم والصلاح وتحبيب القراءة لهم وتجنيب كل ما يضرهم وتبيين حاجة الأمة إليهم وأن عليهم الاجتهاد للتأهل بأن يكونوا قادة وعلماء وأئمة هدى ورحمة وغرس مفاهيم الإيمان فيهم واحترام الكبير وصلة الأرحام والتفوق في الدراسة.

وأفاد أن البنات ألطف الذريات وهن الحفيات الوفيات، قال صلى الله عليه وسلم «هن المؤنسات الغاليات»، فتربية البنات شرف للمسلم وأسوة بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إذ كان أبا لأربع بنات فأدبهن وأحسن تربيتهن، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه» رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم «ما من رجل تدرك له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة» رواه ابن ماجه.

وأوضح أن مسؤولية الآباء مسؤولية عظيمة نحو بناتهم فكم من صالحة أنشأت جيلا عظيما كانت نتاج تربية صالحة و كم من منحرفة أفسدت أمة بأسرها كانت نتاج لإهمال التربية والمتابعة، داعيا إلى تعويد البنات الستر والحشمة والعفاف منذ الصغر فتربية الفتاة على الحياء يدفع بها إلى المكرمات والحياء لا يأتي إلا بخير.