-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
على مدار العام نشهد حملات توعية لا حصر لها وفي كل مجال، ومن ذلك المناسبات الصحية كأنشطة وفعاليات محلية واحتفالات خليجية وأيام عالمية بهدف الوقاية باعتبارها خير من العلاج أو التعايش مع أمراض مزمنة، وهكذا نجدها بشأن أمراض السكري والقلب والصحة النفسية والرياضة والغذاء السليم، وغير ذلك من أمراض استنفر العالم جهوده طويلا لمكافحتها كالإيدز.

وفي مجال السلامة تقام فعاليات للحماية المدنية من مسببات وأخطار الحرائق المنزلية والمدرسية وغيرها، وأخطار الكهرباء والغاز والتسمم خاصة الأطفال. وأيضا التوعية المرورية التي لاتزال أرقام ضحايا حوادث الطرق الرقم الأعلى، وغالبا ما تكون بالجملة في أعداد الوفيات والمصابين، وتتعدد الأسباب في ذلك من أخطاء قائدي السيارات، فيكون ضحاياها ومن معهم وأيضا يتحمل الكثيرون أخطاء الغير على الطريق، وبالتالي النتيجة واحدة من أرقام مفزعة لحوادث تسبب ألما وحسرة ناهيك عن خسائر مادية باهظة.


القائمة ممتدة وهي قديمة جديدة مثل مكافحة المخدرات والتوعية بأخطار تلك السموم بكافة أنواعها ودرجات خطورتها من الحبوب المخدرة إلى الهيروين، وبلادنا من أكثر الدول استهدافا في محاولات التهريب، والحمد لله الأجهزة المختصة تكافح ذلك بنجاح وتضبط كميات هائلة عبر المنافذ والحدود، ولولا يقظة العيون الساهرة والجهود الحاضرة لكان الخطر داهما والتوعية أصعب، لذا نقدر كافة جهود المكافحة والتوعية وأيضا العلاج من الإدمان.

أعود إلى حملات التوعية بشكل عام ونتساءل: هل تحقق فعلا نتائجها المرجوة، أم أنها مجرد احتفاليات بمناسبات ضمن خطط الجهات المعنية تنتهي بانتهاء أيامها وكأن شيئا لم يكن؟ حقيقة الأمر أن كافة حملات التوعية بحاجة إلى رؤية وخطط إستراتيجية متكاملة وتقوم على رصد إحصائي للواقع قبل الحملات وبعدها لضمان وصولها إلى كافة المستهدفين وتحقيق وعيهم في الصحة والسلامة والوقاية، ومن ثم تغيير السلوك السلبي إلى وعي إيجابي شخصي ومجتمعي أكثر قدرة على تعزيز ضبط نوازع النفس السلبية.

التوعية وسيلة والوعي حالة مطلوبة ومتجددة يستقي منها أفراد المجتمع، والهدف هو تطوير سلوكه لسلامته وصحته العامة، وإذ لم نصل إلى ذلك لوجب إعادة النظر في تلك الحملات التي تكلف مبالغ كبيرة مصيرها الهدر دون طائل في الواقع.

أموال ضخمة تقدر بعشرات المليارات تمثل فاتورة الإهمال والحوادث جراء الأخطاء وغياب الوعي، في الوقت الذي تقدر فيه استثمارات الترفيه ومدخلاته على سبيل المثال، عشرات المليارات خلال العطلات الأسبوعية والموسمية والسنوية، وهذا جيد كثقافة حياة متجددة، لكن هل نعير التوعية اهتماما كافيا وهي لاتكلف الكثير للمحافظة على الأرواح والخسائر المادية، لو نجحت حملاتها واتسعت بفعالياتها أكثر نحو فصول التعليم العام والجامعي كما حدث صحيا مؤخرا في مدارس البنات، وأيضا مطلوب توسيع هذه الدائرة في كل مجال ومنه السلامة المرورية وحق الطريق وأخلاق القيادة للجنسين بالنسبة للمدارس الثانوية والجامعات خاصة مع قرب قيادة المرأة للسيارة.

هذا يأخذنا إلى أهمية تكثيف التعريف بحقوق الغير لتعميق الضمير الذاتي لكل فرد بأنه لا ضرر ولا ضرار حتى لو كانت في كلمة تؤذي الغير بالتجريح والتشهير، وما أكثر وما أسهل اليوم من عثرات اللسان، والأخطر الفكر الضال الذي يستهدف التشويش على الوعي الديني والوطني، وهكذا تكون التوعية قضية وطن ومجتمع لا يجب التهاون فيها، فمعظم النار من مستصغر الشرر. حفظ الله الجميع.