-A +A
أنمار مطاوع
على الرغم من أن كلمة (تغيير) واحدة من أصعب الكلمات في أي لغة وأي ثقافة - لأسباب كثيرة - إلا أن التغيير هو الحتمية الضرورية لسيرورة الحياة. علما أن (الصعوبة) ليست هي الوسم الوحيد الملازم للتغيير (من - إلى)، فهناك متلازمات أخرى تصاحبه على طول خط التحديث. فهو دائما (خطوة مشبوهة) في نظر معارضيه.. ومن السهل عليهم نثر علامات الاستفهام في دربه لإثارة البلبلة ورفع درجة التشنج بين (مع- ضد). في النهاية، يخرج الهدف (الأسمى) عن مداره ويتأخر لانشغال القائمين عليه بتبادل الاتهامات مع الأطراف المعارضة التي تكوّن لها أتباعا باستدراج سهل.

لهذا، تتم الاستعاضة عن كلمة (تغيير) بكلمة (تطوير)؛ المقبولة من كافة الشرائح والفئات الاجتماعية. فمحاربة التطوير تعني الجمود.. المعاكس للسنة الكونية.. فلا شيء مما خلق الله يبقى على ما هو عليه. لكن من يرفضون التغيير تنبهوا للتحايل اللفظي وبدأوا في تحويل بوصلة هجومهم ليتركز على (التطوير) بشكل منظم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فالرسائل لا تتوقف حين حدوث أي تطوير (مادي- معنوي) في المجتمع.. وأصبح أي تجاوز في القيم الإنسانية والأخلاقيات والمبادئ الدينية في المجتمع يجيّر ضد (التطوير) مصحوبا بعبارات: (التطوير المزعوم).. (المجتمع في غنى عن هذا الإهدار القيمي).. (هذا ما يريده أعداء الأمة).. وما إلى ذلك من عبارات يراد بها باطل.


الأمثلة كثيرة.. مؤخرا.. عندما تم الإعلان عن قرار السماح للسيدات بالقيادة، توالت الرسائل المفبركة بهدف تشويه القرار و(تهييج الرأي العام).. وقرار دخول السيدات الملاعب صاحبه - في ذات المساء - كم مقنن من الرسائل المنظمة المتشاكية من إهدار القيم والأخلاق على أعتاب التطوير.. و(تهييج الرأي العام).

أعداء التغيير هم أنفسهم أعداء التطوير.. هم فقط استوعبوا الدرس متأخرا.. لكنهم يعملون بكامل الطاقة لتعويض ما فاتهم.. لتحقيق (المصالح).

الرؤوس التي كانت ترفض قيادة السيدات، كانت مستفيدة من أسطول سيارات الأجرة.. ومن كان يقاوم توطين الوظائف بالسيدات، كان مستفيدا من آلاف التأشيرات الجاهزة للبيع.. دائما وراء كل عداء للتطور (مصالح شخصية). أصحاب المصالح هم أكثر أعداء التغيير والتطوير.. فبالنسبة لهم: المصلحة ستزول لو تغير الحال.

الرسائل التي تُلصق التجاوزات القيمية والأخلاقية بحركة التطور الحالية التي يشهدها المجتمع، هي رسائل موجهة من تنظيم أصحاب المصالح؛ سواء مصالح مادية داخل الوطن أو مصالح معنوية من أعداء الوطن في الخارج. هي لن تتوقف إلا بالجمود.. لكن القيادة تسير.. وعينها على المستقبل.

anmar20@yahoo.com