-A +A
ماجد قاروب
أوضح معالي وزير العدل السابق الشيخ د. محمد العيسى في كلمته بمنتدى النزاهة في مؤسسات العدالة الجنائية أن الفساد هو الثقب الأسود في التنمية، وأنه يوجد ما يطلق عليه بالفساد المركب وهو ممارسة الفساد مع تسويغه والفساد المقنع أو المغلف المتوشح برداء السياق اللفظي المضلل كالإكرامية والتشجيع والتسهيلات الخاصة وأوسع أبوابه وأخطرها في هذا السياق غسل الأموال.

وأن من أسباب الفساد ضعف أو عدم وضوح الإجراءات الداخلية الخاصة والسياسة الداخلية للمنظومة الإدارية وفق السلطة التقديرية للمسؤول، حيث تتطلب كل منظومة ذلك بما ينسجم مع طبيعة عملها وما يلزم له من مرونة تتيحها صلاحية السلطة التقديرية في إطار إمكاناتها المتاحة.


وهذا مرده من وجهة نظري انعدام الحوكمة في المؤسسات الحكومية، رغم أن الحوكمة هي ما طالب بها سمو ولي العهد، فلا بد من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ليقوم بواجبات محددة وواضحة في دليل إجرائي لكل وظيفة صغرت أم علت.

وضعف الوازع وهو في مسارين هما وازع تربوي ثقافي عام يشترك فيه المؤمن وغير المؤمن ولذلك توجد دول لا دينية سجلت معدلات متدنية في مقاييس الفساد بسبب الثقافة النابعة من قناعتها القِيَمية والمادية بأن مواجهة الفساد مرتكز البناء والتنمية والتحضر والتقدم في إطار ما يسمى بأخلاقيات العقل المعيشي، والمسار الثاني كذلك لكنه يرتكز على قيم ديننا الحنيف وبالتالي يجعلنا أكثر مسؤولية في هذا المجال.

وأشار معاليه إلى أن الأسوأ أن تجد من يُنظّر دينياً أو محسوباً على أي منظومة دينية أياً كان مجالها في أي مستوى إداري فيها ويُسهب في التنظير التربوي والمسلكي وهو مع ذلك أمام حالة انفصام قيمي فتجده يباشر نوعاً من أنواع الفساد أياً كان تأويله له وسيكون سيئاً للغاية إذا كان من جملة الفساد المركب، ولا بد من أخذه في الاعتبار ولا عصمة لأحد فما كل من يُنظر دينياً وقيمياً معصوم بمجرد الطرح والتنظير، مؤكداً أن قيمنا الدينية وقدوتنا في هذا تمثل نموذجاً مشرفاً.

وأتفق مع معاليه في وصفه الدقيق لما جاء بعاليه بأنه فساد مركب، مما يستوجب عدم التهاون مع أي خطأ أو تقصير يتم في مؤسسات العدالة عامة والجنائية خاصة لتعلقها بالحريات والحدود.

وأتفق مع معاليه بأن سيادة القانون والخشية من العقاب أساس نزاهة المجتمعات بعيداً عن الوازع الديني المرتبط بالعبادات وليس المعاملات.

ومجال القيام بهذا تحويل توجيهات القرار 713 إلى برنامج وطني شامل تقوده هيئة الخبراء أو وزارة الخدمة المدنية لإصلاح وتطوير العمل القانوني في سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية بما فيها الأجهزة الأمنية والحقوقية وفي مقدمتها النيابة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق ونزاهة نفسها.

majedgaroub@