-A +A
سعيد السريحي
بين التعليم والسلم الوظيفي في المؤسسات الحكومية وجه شبه، يمكن اختصاره في أن كل ما يتوجب عليك هو أن تضع قدمك على أول العتبات كي تجد نفسك قد بلغت آخرها، دون الحاجة لبذل أي مجهود، فكلاهما يشابه السلم الكهربائي الذي يتساوى في الصعود به وعليه الجميع دون تمييز بين من يستخدمونه، وقد أسهمت سياسة التقويم المستمر، وهي في حقيقتها لا تعني سوى التنجيح المستمر في تحويل التعليم إلى مجرد عدد متوالٍ من السنوات إذا ما انقضت وجد الطالب نفسه وقد أنهى دراسته للمرحلة الثانوية، وإذا ما صبر على نفسه قليلا وجد نفسه بعد 4 سنوات أو 5 قد تخرج طالبا جامعيا مهيأً للعمل والمشاركة في بناء الوطن.

فقد التعليم طابع التحدي الذي كان يتسم به، وكادت تختفي من معجمه مصطلحات النجاح والرسوب، لم يعد مغامرة تستدعي أن يجيش لها الطلاب كامل قدراتهم، لم يعد للنجاح معناه بعد أن أصبح النجاح نتيجة حتمية يتساوى الجميع في الحصول عليها، ولم يعد الرسوب شبحا مخيفا يترصد كل من يهمل في مذاكرته وأداء واجباته، وغدت نسبة النجاح معيارا رجراجا فقد معناه حين راحت المدارس والجامعات تتباهى بالنسب التي يحققها خريجوها، والتي لا تلبث اختبارات قياس أن تفضح زيفها وعدم موثوقيتها.


وإذا ما استبان ذلك كله، تبينت لنا العلة التي تقف وراء ضعف مخرجات التعليم العام والتعليم الجامعي، وتبين لنا كذلك أن الفشل سوف يكون مصير أي برامج وخطط تعليمية، ما لم تنبنِ هذه الخطط والبرامج على رؤية تعيد للتعليم صرامته وجديته، وتجعل من النجاح والرسوب معيارا أساسيا يميز بين المجتهد والمهمل، مهما كان هذا المعيار مكلفا وقاسيا، فخسارة الطالب سنة واحدة من عمره الدراسي خير له من نجاح لم يبذل فيه جهدا، وخير للوطن من أجيال يتناسل فيها الضعف ويتوالد فيها التقصير.