-A +A
أنمار مطاوع
ليست الصحافة الورقية وحدها التي تعاني.. هي فقط أول الضحايا على عتبات المذبح الجماهيري. لكن الصحافة الإلكترونية تسير على نفس طريق المعاناة. فالإلكترونية والورقية التي تهاوت أمامها.. تتشاركان الآن نفس المصير.

من البداية، هامش الحرية الذي (كانت) توفره الصحافة الإلكترونية أغرى الصحافيين والكتاب للانضمام لمهرجان الموكب الإلكتروني سريع الوصول والانتشار.. إضافة إلى الدخل المادي (الإضافي) الذي يوفره الإلكتروني لموظف في قطاع غير إعلامي أو طالب جامعي... لكن بعد تدخل وزارة الثقافة والإعلام لجمع الشتات الإلكتروني والمحاولة الناجحة لاحتواء المنفلت، تحولت الصحافة الإلكترونية إلى وسيلة مختلفة لمحتوى إعلامي مشابه لحد كبير للمحتوى الورقي.


المنافس لكل هؤلاء هو تطبيقات الجوال الذكي، حيث أصبح كل فرد مشاركا في صناعة الحدث.. وتحول المتلقي السلبي إلى مرسل وصائغ حدث وصحفي متكامل (مصوّر، وكاتب، ومعلّق، ومحلل، وباحث..) كلها بوسيلة واحدة.. الهاتف الذكي. وهو في طريقه لتغيير الذائقة إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

تهاوي الصحافة –أيا كان نوعها.. خصوصا الورقية- سيؤدي لانهيار في (مستوى) الصحافة المحلية ككل؛ مما يعني أن الصحافة ستعود للبدايات الأولى حين كانت تفتقد للـ(Know How).. تلك المعرفة التي بذلت الدولة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الكثير من المال والوقت والجهد بما لم تبذله دولة عربية أو إسلامية أخرى.. لتصنع صحافة راقية رفيعة المستوى تتميز عن أي صحافة عربية.. وتتفوق عليها.

من المؤسف أن تذهب تلك المعرفة سدى.. ومن المؤسف أن تعود الصحافة السعودية لزمن البدايات المتواضعة.. في حين تنهض دول الجوار بصحافتها وتنفق عليها المال والوقت والجهد لتحصل على (المعرفة). الصحافة السعودية الآن في حاجة لهيئة متخصصة تدعمها بكافة الوسائل والطرق الممكنة.. وتضع لها الحلول المتاحة لتبقيها على الساحة دون انقطاع. الصحافة كاللياقة.. إذا تُركت.. تحتاج للبدء من جديد.

الانهيار ليس حتما، وإنشاء (هيئة دعم الصحافة) ستبقي الأمل وحبل الوصل لصالح استمرار الصحافة السعودية في الارتقاء والتطور والرقي.. ومواصلة المشوار الذي تحتاجه رؤية 2030 المستقبلية.. بدون صحافة، لن يكتمل العقد.