-A +A
عبده خال
أي انفتاح اجتماعي لا بد من وجود فئة رافضة لذلك التغير، فتمثل الكتلة المناهضة والباحثة عن تعثر الخطوات وتعمل على رفع صوتها، مؤكدة أن ما سبق ذلك الانفتاح هو الطريق الأصوب، وفي هذا تعد على خيارات الناس الرافضين لمن يرسم لهم طريق الحياة المفترض السير فيه.. فالدولة تفتح جميع الطرق وكل فرد يختار أي طريق يسلك، مع وجود أنظمة تقول للناس إن من يخترق نظاما سوف يجازى، هكذا هي حياة المجتمعات.. وعبر التاريخ ثمة مستفيدون بما هو كائن (في زمنيته)، والقوى الرافضة لا يمكن لها السكون أو السكوت، بل هي عاملة مثابرة على التثبيط وإيقاف أي تغير من أجل العودة للخلف.

وهذه الفئة (أو الفئات) سوف تعمل جاهدة في اتجاهات مختلفة للعودة أو التعطيل، من خلال حمل السلم بالعرض بحثا عن تعثر أو إظهارا لمساوئ الحاضر ورغبة في العودة للخلف..


والحركة الاجتماعية التي حدثت مؤخرا في بلادنا، هي حركة سلمية لم تكن لتحدث هكذا إلا من خلال تقديم تنازلات، فالتغيرات الإيجابية سمة التجديد، وأن يكتسب مجتمعنا هذه التغيرات من غير حدة، فهذا يحسب للمغير، كونه استطاع إحلال نظام جديد له ديناميكية الزمن وصيرورة التاريخ، مكان نظام اجتماعي بلي واهترأ ولم يعد صالحا لمسيرة التغيرات العالمية، وهذا التغير سوف يسجل كبصمة حقيقية للدولة التي استطاعت إحداث قفزة عالية في جميع المجالات، وتم إحراق أزمان من التجمد كان السير البطيء فيها سوف يوصلنا إلى ما نحن فيه بعد 50 عاما على الأقل.. والمجتمعات يعيد صياغتها القرار السيادي، تحميه وتسانده القوانين المنظمة لكل التغيرات، وهذا ما يفسر قبول المجتمع (العتيق والشاب) بما يحدث والولوج إلى الحياة الجديدة بكل هذه السلاسة والسهولة..

وكما بدأت المقالة إن ثمة مستفيدين من النظام الاجتماعي السابق هم الآن في أمرين؛ إما الفئة المختلفة وهذا يؤدي إلى مجابهة خيارات الدولة والمجتمع معا، ونتيجة هذا الرفض الانقياد إلى القضاء بتهمة الوقوف أمام الإصلاح السياسي ومحاولة عرقلة حركة الدولة، وهناك فريق آخر يعمل في الخفاء ضد كل المتغيرات المتسببة في خسرانه كل مكتسباته، وهذه العينة تلجأ إلى الشائعة والتشكيك وإظهار أن كل ما هو حادث إنما هو فساد للبلاد والعباد، هذه النوعية تحديدا هي التي تعمل الآن إلى تشويه كل شيء هو حادث.

وانتشار الشائعات على كل مناشط المجتمع التي انفتح عليها الناس، ما هي إلا الحروب التاريخية لكل جديد.. والآن ومع انفتاح المجتمع لم تظهر الذئاب البشرية، ولم تخرج النساء عن فطرتهن، ولم تستبح الفضيلة ولم يتفلت الرجال من مرابطهم، ولم يتوغل أحد على أحد، وهذا نتاج للقرار السيادي ولقوة القانون المعاقب لأي انفلات من شأنه الإضرار بالآخر.

فليهنأ الجميع بحياة منفتحة على العصر، تجيز ما يقبله كل عقل سليم، وتقف أمام جنوح كل عقل سقيم... ونستطيع القول إننا بدأنا في استعادة الجو الاجتماعي الصحي في ظل القوانين التي تؤدب من لم يتأدب.