-A +A
أنمار مطاوع
فكرة التعليم الجامعي بشكل عام تنطلق من مفهوم أن (الجامعة ليست مكانا لقياس معلومات الطالب، ولكنها إثبات لقدرته على الدراسة والإنتاج العلمي والفهم الموضوعي للتخصص؛ من خلال البحث والمشاريع والتطبيق العملي والتجارب العلمية والتحليل...). لهذا، فالاختبارات -في الجامعة- ليست هي الهدف ولكنها آلية للإثبات. هذا لا يمنع أن جامعات العالم الكبرى والصغرى تحتوي خططها الدراسية على بعض المواد التي تقيس المعلومات فقط.. خصوصا المواد الأولية التحضيرية.

برنامج (تسريع الطلاب في الجامعات) الذي أعلنت جامعة (جدة) الفتية أنها ستبدأ في تطبيقه العام القادم كخطوة رائدة على مستوى الجامعات الحكومية في المملكة، يستحق المساندة. الفكرة ليست بدعة أكاديمية على مستوى جامعات العالم، فمعظم الجامعات تختبر الطالب –الراغب في تجاوز بعض المواد التي تقيس المعلومات- وتحتسب ما تجاوزه في خطته الدراسية.


هذا النظام الأكاديمي يوجد في نظامنا التعليمي على نطاق ضيق؛ اللغة الإنجليزية والحاسب. جامعة (جدة) انطلقت من هذه النقطة وطورت الفكرة -مع مركز قياس- لتشمل بعض مواد السنة التحضيرية، حيث يستطيع الطالب أن يتجاوز السنة التحضيرية لو حصل على تقدير عال في قياس؛ لم تحدد النسبة بعد.

هذه الخطوة إيجابية من حيث المبدأ.. هي تحتاج للالتفات لبعض النقاط.

النقطة الأولى: عوضا عن أخذ النسبة العامة لقياس، من الأفضل أن تفصل كل مادة على حدة. فالطالب المتفوق في الرياضيات، على سبيل المثال، قد لا يكون متفوقا في الأحياء.. مما يعني أن نسبة اختبار الأحياء ستؤثر على النسبة العامة.. بالتالي سيدرس السنة التحضيرية ويستفيد من مادة الأحياء ولكن مادة الرياضيات ستكون مضيعة للوقت.

النقطة الثانية: أن من يتجاوز السنة التحضيرية يعطى مقعدا إضافيا في التخصص الذي يلتحق به، ولا يكون على حساب طلاب السنة التحضيرية الذين يتنافسون على تلك المقاعد، حتى لا تضيع فرصتهم أو تقل.. وتقفد السنة التحضيرية هدفها ومفهومها.

النقطة الثالثة: لا مانع أن يشمل برنامج التسريع مواد أخرى مثل: اللغة العربية والثقافة الإسلامية..

النقطة الرابعة: أن تتبنى وزارة التعليم هذه الفكرة وتعتمد آلية نظامية تعمم على الجامعات (أو بعض الجامعات) وربما تقننها لبعض التخصصات لتشجيع الطلاب والطالبات على دخول تلك التخصصات.

الفكرة رائدة وشجاعة.. رغم أنها متداولة في الأذهان الأكاديمية إلا أنها كانت في حاجة لمن يعلق الجرس. وقد بادرت بالتنفيذ جامعة (جدة) التي تبنت شعار الإبداع والتميز منذ انطلاقتها.. وهي تواصل المشوار بخطوة جريئة على طريق الرؤية الطموحة 2030.