-A +A
صدقة يحيى فاضل
قلنا: إن محاولة فهم السياسة الخارجية والداخلية الحالية لإيران لا يمكن أن تكتمل إلا عبر فهم نظامها السياسي الثيوقراطي الحالي، لأنه - وحتى إشعار آخر - هو الذي يقود التوجه العام لإيران، ويصبغه بطابعه المميز. لذلك، سنلقي عليه بعض الضوء وباختصار في ما يلي:

الأفضل، بالطبع، أن نورد ذلك في شكل بياني، يوضح انسياب السلطة في هذا النظام. ولذا، كان لا بد من الاستعانة بما يسمى بـ«الهيكل التنظيمي السياسي»، أو الشكل البياني الموضح للأنظمة السياسية. فالهيكل التنظيمي السياسي لأي بلد، هو عبارة عن «شكل» يجسد الوضع العام لحكومة ذلك البلد، كما ينص عليه دستورها. وهو «أداة» تحليلية موجزة... تستخدم لتوضيح وبيان التكوين العام للحكومة، والصلاحيات التي لكل جزئية فيها. وبما أن «الحكومة» هي: السلطة العليا العامة في البلاد – أي بلاد – بفروعها الـ3: التشريع، التنفيذ، القضاء، وكل ما يتعلق بهذه الفروع من أمور، فإن «الهيكل التنظيمي السياسي» يركز على إظهار هذه السلطات الـ3، ومدى صلاحية كل منها في مجال اختصاصها. وهذه الأداة لا تتضمن مؤسسات المجتمع المدني الرئيسة، وفي مقدمتها الأحزاب السياسية، لأن الأخيرة ليست جزءا رسميا من الحكومة. كما يوضح هذا الشكل العلاقة بين هذه السلطات. (أنظر: أ. د. صدقة بن يحيى فاضل، «الهيكل التنظيمي السياسي»: أداة توضيحية للنظم السياسية: مركز البحوث، كلية العلوم الإدارية، جامعة الملك سعود (الرياض): مايو 2001م، صفر 1422هـ، ص 1 - 85).


***

وسبق نشر الهيكل التنظيمي السياسي لإيران (صحيفة «الوطن»: العدد 5535، 25 /‏ 11 /‏ 2015م، ص 6). وبما أن إيراد الشكل البياني غير ممكن في هذا المقال، فسوف نوجز النظام السياسي الإيراني الحالي (حسب دستور 1981م) كتابة فقط، بالتركيز على أهم مؤسساته:

- السلطة التشريعية: وتكمن في: 1 – مجلس الخبراء: ويتكون من 86 عضوا من رجال الدين. وهو يشرف على أداء «المرشد الأعلى». ويقوم باختيار هذا المرشد. وينتخب أعضاء هذا المجلس من قبل الهيئة الناخبة الإيرانية، لمدة 8 سنوات.

2 – المرشد الأعلى: يوجه السياسات العامة للدولة، ويشرف على تنفيذها. وله القول الفصل في نشاط بقية السلطات. ويختاره مجلس الخبراء.

3 – مجلس الشورى (البرلمان): يضع القوانين، وميزانية الدولة ويشرف على إنفاذها، ويوافق على الاتفاقيات الدولية. وهو مكون من 290 عضوا يتم انتخابهم، من قبل الهيئة الناخبة مباشرة، مرة كل 4 سنوات.

4 – مجلس صيانة الدستور: مكون من 12 عضوا، يختار المرشد الأعلى نصفهم. أما الـ6 الآخرون فترشحهم السلطة القضائية، ويصوت مجلس الشورى على تثبيتهم. وهو مكلف بمراجعة القوانين التي تصدر عن البرلمان للتحقق من موافقتها للشريعة الإسلامية (المذهب الجعفري) والدستور الإيراني.

5 – مجلس تشخيص مصلحة النظام: مكون من 51 عضوا، من بينهم: رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، ورئيس السلطة القضائية. أما الباقون، وعددهم 48 عضوا، فيعينهم كل من المرشد الأعلى، ورئيس الجمهورية. وهذا المجلس هو عبارة عن «وسيط» يحكم في النزاعات التي قد تنشأ بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور. وهو عبارة عن هيئة استشارية للمرشد الأعلى.

***

- السلطة التنفيذية: وتتركز في: 1 – رئيس الجمهورية: وهو ثاني أهم سلطة في إيران، بعد المرشد الأعلى. ويتولى إدارة الدولة وتنفيذ سياساتها. ويتم انتخابه مباشرة من قبل الهيئة الناخبة الإيرانية لمدة 4 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة.

2 – مجلس الوزراء: يرأسه رئيس الجمهورية، ويتكون من الرئيس ونائبه، و18 وزيرا.

***

- السلطة القضائية: وهي مكونة من رئيس يعينه المرشد الأعلى، وأعضاء يرشحهم الرئيس، ويوافق عليهم البرلمان. ولهذا المحكمة حق تفسير الدستور، ومراقبة مدى تطبيقه.

***

- الخلاصة: من ذلك، نرى أن هذا النظام هو، في الأساس، نظام «ثيوقراطي»، إذ يهيمن على مفاصله رجال الدين المنتمون للمؤسسة الدينية الإيرانية في مدينة قم. وإن كان يتخذ بعضا من مظاهر الديموقراطية. ويلعب رجال الدين دورا محوريا فيه. وتكاد أن تكون السلطة المطلقة فيه للمرشد الأعلى. وقد استحدثت ثورة 1979م هذا المنصب لتكريس سلطة رجال الدين، ورئيسهم الخميني، وخلفاؤه.