-A +A
أحمد عجب
مشكلتنا الحقيقية مع الشائعة القوية التي انتشرت قبل أيام، لم تكن أبدا مع الجهة الناقمة التي أطلقتها، فمثل هذه الممارسات يفترض أننا اعتدنا عليها بعد أن أصبحت من أهم الأسلحة المعنوية التي تستخدم لتهبيط الهمم أو رفع النقم بين الشعوب وبلدانهم، خاصة في زمن الصراعات السياسية والأوضاع الاقتصادية، وإنما مشكلتنا الكبرى كانت في قلة الوعي لدى البعض ممن يتلقفون مثل هذه الأكاذيب الواضحة ويروجون لها بغباء مركب، وقد قالت العرب قديما «حدث العاقل بما لا يعقل؛ فإن صدقك فلا عقل له»!

إعلان الشائعة المسيئة التي انتشرت عبر الحسابات الشخصية والمواقع الإلكترونية كالنار في الهشيم، يتحدث عن قيام الفنانة الخمسينية فيفي عبده بإقامة دورة (كورس) في مدينة جدة عن فنون (الرقص الشرقي) وذلك للنساء والرجال، وبقيمة ثلاثة آلاف ريال للمشترك الواحد!


الإعلان كما تلاحظون كله كذب ومغالطات، فالعجوزة فيفي عبده يا الله تستطيع المشي وهي بهذا العمر المتقدم، حتى وإن حاولت التصابي ولعب دور المراهقة بأفيهاتها المايعة (اكسكوزمي) و(خمسة مواه)، أما الرقص فإنه لا يحتاج إلى تعلم وإنما يتم اكتسابه بالممارسة، والطامة الكبرى أنه ليس قاصرا على السيدات فقط، بل موجه لطوال الشوارب أيضا، فكيف مرت هذه الجزئية الفاضحة على مروجيها الأغبياء، ولو أغفلنا عن قصد كل هذه الثغرات واعترفنا جدلا بهذا النوع من الفن، هل ستدفع المرأة السعودية المعروفة بحشمتها ووقارها وعفتها كل هذا المبلغ للحصول على شهادة تدريبية لن تضيف لها أي شيء في حدود الأعمال والمهن المسموح لها بممارستها؟!

بعد النفي القاطع لإمارة منطقة مكة المكرمة ونفي الفنانة المصرية نفسها إقامة مثل هذه الدورة ببلاد الحرمين الشريفين، (وإن كان الأمر واضحا ولم يكن بحاجة إلى نفي)، أتمنى من الجهات المختصة ملاحقة مروجي هذه الشائعة، والتعامل معهم بكل حزم، مفضلا عدم تطبيق عقوبة الغرامة أو السجن المنصوص عليها في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، بل الحكم بالجلد ثمانين جلدة لكل من تثبت إدانته بالترويج لهذه الشائعة المسيئة لنسائنا ولنا نحن الرجال ولبلادنا الكريمة، فالإعلان يتضمن معاني خطيرة، كالقذف وانعدام الغيرة وإشاعة الرذيلة، فضلا عن الإيحاء الذي يصوره بوجود الحانات والملاهي الليلية!!

وأخيرا، أتمنى تنفيذ عقوبة الجلد بالأماكن العامة مثل الأسواق أو الكورنيش الجديد، حتى يتمايل المروجون ويرقصوا الرقص الشرقي على وقع الخيزرانة وهي تتلوى على جنوبهم وظهورهم، فيحرموا نسخ وتناقل مثل هذه الشائعات المغرضة مرة أخرى. (ورئصهم يا قدع).