-A +A
مها الشهري
تعد الحرية في المجتمع الأكاديمي وتوسيع دائرة الصلاحيات للإدارات الجامعية سببا مهما في نمو الفاعلية ورفع مستوى الأداء، فالاستقلال المادي والإداري والفكري سيدفعها إلى البحث عن التميز والشعور بالمسؤولية تجاه أهمية مراكزها البحثية وجودة المخرجات؛ لأن الجامعات في هذه الحالة ستعمل على طريقة تحقق فيها متطلبات التنمية لتدخل ضمن مجال تنافسي علمي تحكمه المستجدات العلمية والتقنية المعلوماتية وإبراز الأفكار المبدعة، فسترفع من هذه القيمة باستقطاب المفكرين وتبني الآراء التي تسهم في وصولها إلى مكانة أفضل نسبة إلى غيرها، وهذه الأهداف ستتجاوز ما يخشاه البعض من سيطرة النزعة المناطقية والنفعية التي تسيطر على بعض الإدارات، ويأتي هذا كله مع ضرورة إيجاد نظام يحمي مكتسبات الجامعات من أي تدخل خارجي، والنتيجة تؤدي إلى خلق بيئة ملائمة لنمو المعرفة والإبداع.

لعلنا نبحث في العوامل التي دفعت بعض العقول العربية المبدعة للهجرة إلى جامعات أجنبية، باعتبارها ظاهرة تاريخية وإشكالية مزمنة يعاني منها الوطن العربي بشكل عام، وكانت سببا في تردي وضع التنمية، إذ إن السبب البديهي لنزوح الكفاءات العربية أنها وجدت البيئة المناسبة التي غذت وتبنت إبداعها، وحسب إحدى الإحصائيات الحديثة لتقارير البنك الدولي والجامعة العربية: «ينتقل ما يقارب 40% من مهاجري الشرق الأوسط إلى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) التي هي دول متقدمة، ويهاجر 23% منهم إلى دول متقدمة أُخرى»، بالتالي فإن نسبة العقول المبدعة التي تغادر المنطقة العربية تقدر بـ50% من الكفاءات، وهذا يأتي لأسباب كثيرة مختلفة وأهمها لدينا ما يأتي في الحاجة إلى بيئة علمية وعملية ذات مرونة تتبنى العقل الإبداعي وتعمل على تطويره.


لا شك أن تدخل بعض الأساليب في حرية التدريس تعيق الإبداع والابتكار، فإيجاد المنهجية التي تغذي المناخ الفكري الحر ستدفع بالطلبة والأساتذة إلى بذل الجهد في تحصيل العلم وبناء العقل الخلاق والشخصية القادرة على تحمل المسؤولية الفكرية أمام الذات والمجتمع، وهذا ما نحتاج إليه.

ALshehri_maha@