السفير الساطي خلال استضافة صحيفة إنديان إكسبرس.
السفير الساطي خلال استضافة صحيفة إنديان إكسبرس.
-A +A
حسن باسويد (جدة) baswiad@
أكد السفير السعودي في نيودلهي سعود بن محمد الساطي أن خلاف المملكة مع إيران لا يعود إلى التنافس على النفوذ، وإنما بسبب تدخل طهران في شؤون الدول العربية، ومنها السعودية. ولفت في حوار لصحيفة «إنديان إكسبرس» نشرته أخيرا، إلى أن ما يثير قلق المملكة هو محاولة النظام الإيراني فرض هيمنته التوسعية على المنطقة. وأكد الساطي، الذي عيّن على رأس البعثة الدبلوماسية السعودية في الهند عام 2012، أن السعودية أكبر مؤيد للقضية الفلسطينية وتعتبرها أولوية قصوى في سياستها الخارجية، لافتاً إلى أن المملكة رفضت قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ودعته للتراجع عنه، وأفاد أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان اعتمد سياسة تنويع الدخل لجلب الاستثمارات للمملكة وتوفير الوظائف لمواطنيها. وأعلن أن المملكة ستستضيف الهند كضيف شرف في مهرجان «الجنادرية» في فبراير القادم.

• هناك العديد من التغييرات الاجتماعية التي تحدث في المملكة، إذ سمح للنساء بقيادة السيارات وعودة السينما، فهل توافق على أن هذه التغييرات طال انتظارها، ولماذا تحدث الآن؟


•• إن التغييرات في المملكة مرتبطة ببناء البلاد والإصلاح، ونحن مصممون على استخدام مواردنا لصالح المواطن، وبدأنا بالتخطيط العمراني وركزنا على بناء المؤسسات، كالمدارس والمستشفيات والطرق والمطارات، مع التركيز بشكل خاص على رفاهية مجتمعنا.

وفي السنوات الماضية، أجرينا أيضا بعض الإصلاحات الطموحة جدا، ففي عام 2006، بدأت الحكومة برنامجاً قوياً لجعل المؤسسات الحكومية أكثر انسيابية، ومن ثم إدخال الإصلاحات، وتحسين الأنظمة، وشمل ذلك التعليم والمشاركة المجتمعية. وقد حظي الشعب السعودي رجالاً ونساء باهتمام خاص خلال هذا البرنامج، وتم منح المرأة الحق في التصويت في الانتخابات البلدية، وجرى ترشيح النساء لمجلس الشورى، ولدينا 38 عضوا نسائياً في المجلس يمثلن 30 % من عدد الأعضاء.

نحن نعمل بحماس وطموح لتحقيق «رؤية 2030»، بهدف تنويع اقتصادنا وإثرائه وفتح مجالات لإيجاد العديد من الوظائف، ونركز على السياحة، وتعمل كل وزارة على تحويل مناطق محددة وخطة انتقال وطنية نحو تحقيق «رؤية 2030». وفي عام 2011 أنشأت الدولة هيئة لمكافحة الفساد، وقبل عامين أكدت قيادة المملكة أنه سيجري الحد من الفساد واتخاذ تدابير لضمان الاستخدام الفعال للموارد، وسنتخذ إجراءات ضد أي إساءة استخدام لموارد البلاد، والآن أنشئت هيئة جديدة ومنحت لها السلطة لمتابعة التحقيق بكل عدل وإنصاف، وفقا للقوانين في المملكة ولا يجري فيها الإعلان عن أسماء الأشخاص الذين يجري التحقيق معهم.

لا علاقة لـ«نطاقات» بجنسية العامل

• هناك نحو 2.5 مليون عامل هندي في المملكة، وفي ضوء برنامج «نطاقات» كانت هناك مخاوف بشأن فقدان الكثير منهم لوظائفهم، كيف تنظرون إلى هذه المخاوف؟

•• برنامج نطاقات ليس له علاقة بأية جنسية معينة، هو برنامج لتشجيع الشركات والمصانع على توظيف المزيد من السعوديين، ولم نشهد أي انخفاض في عدد الهنود العاملين في المملكة، بل إن الأرقام تتزايد، ففي العام الماضي وصل (200) ألف هندي للعمل في المملكة، وغردت سفارتكم قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع في صفحتها على «تويتر» بأن المملكة لا تزال الوجهة الأكثر ملاءمة للمهنيين والعمال الهنود، ولدينا الآن ما يزيد على 3.2 مليون من المواطنين الهنود العاملين في المملكة، ونحن ننظر إليهم كشركاء، وأطباء، ومديري شركات ومؤسسات، وأساتذة في الكليات والمعاهد.

المعركة مع إيران

• في منطقة الشرق الأوسط دخلت المملكة في معركة نفوذ مع إيران، وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وهناك موضوع في اليمن، فهل هي معركة نفوذ؟

•• ليست معركة نفوذ، بل مسألة تدخل إيران في الشؤون الداخلية للدول، سواء كانت لبنان أو العراق أو سورية أو السعودية أو البحرين أو اليمن، إنها ليست مسألة منافسة، فما نراه أن نظام طهران يسعى إلى التوسع في نهج السياسة الخارجية، ويحاول تطبيق أفكار متطرفة، وهذا يثير قلقنا.

ففي اليمن تدعم إيران المتمردين الحوثيين الإرهابيين وتدربهم، وآخر مظاهر ذلك إطلاق صاروخ باتجاه مطار الرياض، ما يثبت أن المتمردين المدعومين من إيران لديهم تفكير إجرامي، وهذه هي طبيعة المجموعة التي تدعمها إيران، ونريد من إيران أن تكف عن التدخل في شؤوننا الداخلية وأن تحترم جيرانها.

أما الحديث عن لبنان فعلينا تسمية الأشياء بأسمائها، فالبلد الذي يتدخل في شؤون لبنان ليس السعودية، بل إيران، وهي التي تخلق وتمول حالة الانقلاب السياسي وتقوض الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء سعد الحريري لتحقيق الاستقرار، والحريري بنفسه انتقد التدخل الإيراني في بلاده.

إيران تصدر التطرف

• يرى البعض أن زعامة المملكة للعالم الإسلامي سبب الصراع مع إيران، فهل تتفقون مع ذلك؟

•• عندما يتعلق الأمر بالعالم الإسلامي، فالسعودية هي مهد الإسلام، وتحتضن الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والأماكن المقدسة ويزورها الملايين من المسلمين من جميع أنحاء العالم لأداء شعائرهم الدينية، والمملكة ملتزمة بشكل جاد بخدمة المسلمين من جميع أنحاء العالم دون أي تمييز.

وعندما يتعلق الأمر بالدول الإسلامية الرائدة في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار، لا نرى أي مشاريع إنمائية رئيسية في إيران، وما رأيناه هو تصدير التطرف ومحاولة لزعزعة استقرار المنطقة.

المملكة تعنى بالتعاون مع جميع الدول الإسلامية، ولديها مؤسسة إنمائية رائعة «صندوق التنمية السعودي» تسهل من خلالها التنمية الاقتصادية في العديد من البلدان الإسلامية، ويقوم مركز الملك سلمان للمساعدات الإنسانية والإغاثية بتنفيذ مشاريع إنسانية في العديد من البلدان، لذا فالتباين بين إيران والسعودية واضح.

حل قضية القدس

• أخيرا أعلنت واشنطن أن القدس عاصمة لإسرائيل، كيف يمكنك أن تتحالف مع دولة تتخذ مواقف غير عادلة تجاه المسلمين؟

•• لقد أصدرنا بيانا قوياً جداً قبل أن يعلن الرئيس الأمريكي هذا القرار وبعد الإعلان عنه أيضاً، وأعربنا عن أسفنا العميق، وقد طلبنا من الإدارة الأمريكية التراجع عن القرار، واتخذنا قراراً جماعياً قوياً في اجتماع للدول العربية، الذي تم فيه رفض القرار الأمريكي.

إن المملكة هي أكبر مؤيد للقضية الفلسطينية، وتعتبرها أولوية قصوى بالنسبة لها، كما هي بالنسبة للعرب والمسلمين في جميع أنحاء العالم، ونحن نشارك بفعالية في محاولة إيجاد حل لهذه القضية.

• كيف تعتزم المملكة التصدي لتهديد «داعش»؟

•• إن «داعش» أكبر عدو للإسلام، لقد هاجموا منشآت داخل المملكة، هاجموا مساجدنا، واتخذنا العديد من التدابير لمحاربتهم، وشاركنا في الحملة الجوية الدولية على مواقع التنظيم في سورية، وسنواصل كفاحنا وحملتنا ضدهم، ولا يساورني أدنى شك في أنه سيتم القضاء على الإرهابيين، ورأينا كيف تم القضاء عليهم في العراق، ونحتاج إلى تعاون دولي، ليس فقط من الناحية المادية والعسكرية، بل أيضا من الناحية المالية والفكرية.

• عندما زار رئيس الوزراء الهندي المملكة، عقدت محادثات تفصيلية حول مكافحة الإرهاب والتعاون في مجال الدفاع، كيف كان التقدم منذ ذلك الحين؟

•• تعاون المملكة والهند في مكافحة الإرهاب يسير على ما يرام، فالإرهاب يشكل تهديدا مشتركا لكل دول المنطقة والمجتمع الدولي، ونحن نتعاون لمكافحته في المنطقة والعالم.

رؤية ولي العهد وتنويع الدخل

• حدثنا عن رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يتخذ القرارات الإصلاحية الكبيرة، والمسؤول عن اعتماد سياسة تنويع مصادر الدخل؟

•• اعتمد ولي العهد سياسة تنويع مصادر الدخل لجلب التنمية إلى السعودية، والهند هي رابع أكبر شريك تجاري للمملكة، وتستفيد الشركات الهندية من الفرص الاقتصادية والاستثمارية المتاحة في المملكة، وجميع الشركات الهندية الكبرى في السعودية و«رؤية 2030» سوف توفر المزيد من الفرص الاستثمارية، ونحن نعمل على توسيع اقتصادنا وبناء المدن الجديدة والمطارات والموانئ البحرية وغيرها.

• سبق أن دعا ولي العهد بالعودة إلى الإسلام المعتدل، وقال إن التطرف الذي شهدته المملكة على مدى السنوات الثلاثين الماضية مصدره الثورة الإيرانية، فكيف كانت إيران منذ ذلك الحين، وأين يكمن الطريق إلى الإسلام؟

•• لقد أدت ثورة عام 1979 إلى وجود نظام متطرف في إيران، ومنذ ذلك الحين أعربت المملكة والعديد من الدول الأخرى عن قلقها، وتم اتخاذ إجراءات من خلال إغلاق السفارات والمراكز الثقافية الإيرانية؛ بسبب أنشطتها المتطرفة، إنهم لا يحترمون الأعراف الدبلوماسية وسيادة البلدان التي لديهم سفارات بها.

وفي عام 2006 صدرت قائمة بـ58 حادثة إرهابية تورطت فيها إيران مباشرة من خلال وكلاء لها في مهاجمة السفارات والدبلوماسيين، وعندما يتعلق الأمر بالتعامل مع التهديد والتطرف، اتخذت المملكة مبادرات داخلية قوية، وشددت في الوقت ذاته على رسالة التسامح وأنشأت المملكة مركزا للحوار الوطني لنشر مبادئ الاعتدال. وفي عام 2008 استضافت السعودية مؤتمر القمة الإسلامي للعلماء والشخصيات الإسلامية البارزة، وكان تركيزها لمكافحة التطرف ونشر الاعتدال، وقد اتخذنا مبادرات عدة لتعزيز التفاهم والتسامح الديني.