-A +A
عبده خال
البحر الأحمر، هذا البحر العظيم في جانبه الغربي يجري في السعودية واليمن فقط، وفي جانبه الشرقي عدة دول، وكل دولة منها منحت أراضيها كقواعد عسكرية لدول مختلفة.

ففي دولة جيبوتي عدة قواعد عسكرية لكل من أمريكا وفرنسا وإيطاليا واليابان والصين.. وفي دولة إريتريا قامت إسرائيل باستئجار جزر دهلك وأقامت بها عدة قواعد عسكرية يضاف إليها قاعدة تصنت، والغريب وجود قاعدة عسكرية إيرانية أيضا في دولة إريتريا، قد يقول قائل إننا لسنا بحاجة إلى قواعد عسكرية في تلك الدول كون البحر الأحمر يجري في أرضنا من الجهة الغربية، إلا أن تواجد كل تلك القواعد يشي أن ثمة أمرا يحاك في الخفاء..


وما أحدثته الزيارة الأخيرة لأردوغان في السودان، من حصوله على حق تطوير وإدارة جزيرة «سواكن»، وتجيز له الاتفاقية إنشاء قاعدة وتعاون عسكري ثنائي..

هذه الاتفاقية الثنائية من الضرورة التنبه للرسائل التي ترسلها (خصوصاً أن النظامين هما إخوانيان) فهل تكون القاعدة العسكرية التركية في السودان هي (مسمار جحا) الذي يمكن تركيا من الإطلالة الدائمة على سواحل البحر الأحمر، أم تكون معينا للسودان لو اصطفت مع الحبشة ضد مصر بسبب سد (النهضة) الذي يمكن له إماتة النيل وإدخال مصر في أزمة مياه خانقة تؤدي إلى التيبس الزراعي والقضاء على الثروة السمكية والثروة الحيوانية، وبالتالي يثأر النظامان للإخوان في مصر؟

أو أن أردوغان أراد التواجد في جهة لم يكن له من سبيل للوصول إليها وتهديد دول البحر الأحمر خصوصا السعودية ومصر، وأن يكون له دور فاعل في اليمن لو تحولت إلى ملعب حربي بين القوى الدولية؟

وسواحل البحر الأحمر تعنينا عناية فائقة أمنيا وتجاريا واستثماريا خصوصا أن الدولة أعلنت مشروع نيوم (تكلفته 500 مليار دولار)، وثمة مشروع البحر الأحمر السياحي والذي سوف يكون مشروعا عالميا على سواحل البحر الأحمر..

ويضاف لخريطة البحر الأحمر بالنسبة لنا وجود جزيرتي تيران وصنافير، وهما جزيرتان سوف تمنحاننا بعدا إستراتيجيا أمنيا واستثماريا وسياحيا..

أي أن خريطة البحر الأحمر سوف تكون خلال السنوات القادمة هي الوهج الذي يستقطب كل القوى الدولية والإقليمية، كما يفعل ضوء مصباح لفراشات الظلام، بما يعني أهمية بناء عدة قواعد عسكرية على امتداد هذا البحر العظيم، على الأقل في أراضينا وفي مواجهة كل القواعد الدولية في الجهة الشرقية لهذا البحر.