-A +A
حمود أبو طالب
عندما يتم دفع 95 مليون ريال لإنقاذ ناد رياضي شهير من أزمته، ضمن حملة إنقاذ شاملة للأندية وللرياضة السعودية على وجه العموم تكلف مبالغ ضخمة فإنه لا اعتراض على ذلك أبداً، بل إنه شيء جيد ومطلوب هذا الاهتمام بمجال مهم، فالرياضة أصبحت قوة ناعمة بارزة للشعوب، ولكن في الوقت ذاته يدفعنا هذا الاهتمام والضخ المالي الكبير في مجال الرياضة إلى التساؤل عن مجال مهم جدا أو أهم، لم تنله العناية اللائقة به، رغم أنه تم التأكيد في الرؤية الوطنية الجديدة على أنه سيتم انتشاله من وضعه غير المرضي للجميع إلى مستوى يليق بأهميته.

الثقافة والفنون والآداب أيها المسؤولون عن الرؤية لم يتم تحريك مائها الآسن إلى الآن، لا تقولوا تم إنشاء هيئة عامة للثقافة، وورد في خطة وزارة الثقافة والإعلام خلال إعلان الرؤية عدد من المشاريع الكبيرة، مثل المعهد الملكي للفنون وغيره، لأن هذه المشاريع ما زالت على الورق، بينما هيئة الرياضة انطلقت بقوة وبميزانية هائلة وبدأت في تجديد المشهد الرياضي كلياً. الثقافة والفنون والآداب بكياناتها الحالية، وتحديداً جمعيات الثقافة والفنون، تعيش وضعاً في غاية البؤس، لأنها تقتات على الفتات من الدعم، وكأنها جمعيات هامشية لا لزوم لها، بينما بعضها يقدم نشاطات نوعية متميزة داخل وخارج المملكة، مثل جمعية جدة برئاسة المسرحي المبدع عمر الجاسر، وجمعية الدمام برئاسة الشاعر والفنان الشامل أحمد الملا. هذان الشخصان وزملاؤهما المتطوعون يقدمون برامج مدهشة بجهودهم وعلاقاتهم الخاصة، لأن الدعم الرسمي الذي تتلقاه كل جمعية لا يقال عنه سوى أنه مخجل، ومخجل جدا، وأما بقية الجمعيات في المناطق فكأنها ليست موجودة أساساً.


يا إخواننا.. للمرة المليون نؤكد أن الثقافة والآداب والفنون ليست ترفاً ولا شأناً ثانوياً. إنها حضارة ورقي وهوية أي مجتمع، وعنوانه الأبرز في العالم. دول كثيرة اهتمت بكل شيء حديث لكنها مهتمة أكثر بهويتها الثقافية وإبداعها الثقافي والأدبي والفني، شعر، رواية، مسرح، موسيقى، سينما، فن تشكيلي، وكل جانب آخر يدخل ضمن فروع هذا الشأن. ونحن في هذه المرحلة أحوج ما نكون للاهتمام بهذه الجوانب، لنزيح كثيراً من الغبار والبؤس الذي شابها لعقود طويلة من الزمن.