-A +A
عبدالرحمن الثابتي
تحاول إيران أن تصور للشيعة أنها الحامية لهم، وأنها بسقوطها سيسقطون، وهذه النظرية حديثة نسبيا، وبدأت بعد استيلاء الخميني ورجال الدين الإيرانيين على الدولة الإيرانية الفارسية، ولأن الدولة الإيرانية الفارسية تعلم جيدا أنها لا مكان لها داخل المحيط العربي بكل تنوعاته واختلافاته العرقية والأيديولوجية، ولأن المعارك والحروب بين العرب والفرس قديمة قدم التاريخ ذاته وقبل ظهور الإسلام، فضلاً عن ظهور المكونين الشيعي والسني داخل الإسلام، ولذلك لم يكن التوغل الفارسي سهلا للداخل العربي إلا من خلال شق الصف واستغلال التنوع وتبني التوجه الشيعي، وإظهار الدولة الفارسية كحامية للمكون الشيعي، ولكن العجيب في الأمر أن الشيعة العرب يعيشون في بلاد كالسعودية مثلاً التي لا تفرق بين مواطنيها؛ يعيشون أفضل من الشيعة العرب في إيران!

إن المكون الشيعي جزء أصيل من المجتمعات العربية، ومحفوظ الحقوق والحريات ومتعايش مع محيطه السني والمسيحي لمئات السنين، وقبل ظهور الحارس المزيف، الذي يحاول استخدام التنوع المذهبي ليجني أرباحا فارسية توسعية، والتي يرفضها الشيعة العرب الأحرار كما يرفض السنة توغل الإخوان أو تركيا في الداخل العربي، وقد تم طرد الدولة العثمانية وهي تدعي أنها حامية للخلافة وللإسلام، ولكن العرب أحرار بالفطرة ويرفضون الاستعمار والاستغفال تحت أي مسمى، ولذلك فإن إيران ليست الشيعة والشيعة ليسوا إيران وهذه مسلمة يعيها العقلاء والأحرار.


هنالك استثناءات سنية وشيعية ومسيحية ما زالت تؤمن بالدولة الثيوقراطية، فهم يولون وجوههم شطر الدولة التي تعتنق مذهبهم ناسين أو متناسين أن الدولة الحديثة تعامل مواطنيها بناء على المواطنة كأسنان المشط، بغض النظر عن معتقداتهم وأفكارهم التي يعتنقونها وأن الولاء للدولة الحديثة القُطرية، دون الأخذ في الاعتبار ديانة أو معتقدا أو عرقا، وهذا ما يقوض كل الطموحات التوسعية للدولة الاستعمارية التي عجزت عن السيطرة على الداخل وتعاني داخلياً فضلاً عن معاناتها خارجيا. وختاما نقول: الشيعة ليسوا إيران، وإيران ليست الشيعة، وعلى كل من يؤمن بالدولة الثيوقراطية أن يقيم مأتما على هذه الفكرة البالية التي لا تتناسب مع دولة المواطنة الحديثة.

A_ALTHABTY@