-A +A
سعيد السريحي
استقلال القضاء إنما هو استقلال للأحكام القضائية عن أن تكون مرتهنة لغير أحكام الشرع وما يتطابق معه أو ينبني عليه أو ما يتفرع عنه من أحكام القانون، خاصة في ما يستجد من القضايا التي لا تجد لها مرجعا في أحكام الشريعة غير مرجعية العدل التي تشكل القاسم المشترك بين ما تنبني عليه أحكام الشريعة وأحكام القانون.

الاستقلال للقضاء وليس للقضاة، واستقلال القضاء لا يعني المصادقة على كل حكم يقضي به قاض، فحق الاعتراض والاستئناف مكفول للمتقاضين، ومحاكم الاستئناف والنقض والمحكمة العليا إنما هي مؤسسات قضائية تنهض بدور تأكيد وتكريس الأحكام أو نقضها في الوقت نفسه، غير أنها في الحالين تؤكد على استقلال القضاء وعدم استقلال القضاة في آن واحد.


وللقضاة جانبان، أولهما ما يمثلانه من قيمة فقهية تتمثل في ما يحكمون به ويقضون فيه، ومرجع ذلك المؤسسة القضائية، أما الجانب الآخر فيتعلق بهم باعتبارهم موظفين ملتزمين وملزمين بما هو ملتزم وملزم به أي موظف يخضع لنظام الخدمة المدنية سواء ما يتصل بمواعيد الدوام والإجازات الأسبوعية والسنوية، وكذلك الإجازات الاعتيادية والمرضية والاضطرارية، وهي مسائل يتساوى فيها القضاة مع بقية الموظفين في مختلف الدوائر الحكومية.

ولأن للقضاة مكانتهم العلمية والاجتماعية، فإن من المتوخى أن تنعكس هذه المكانة على جوانبهم الوظيفية فيكونون المثل والقدوة لبقية الموظفين، ولهذا فمن المؤسف أن تضطر وزارة العدل، كما نشرت «عكاظ» يوم أمس، إلى إحالة 5 قضاة للتأديب بسبب تقصيرهم وغيابهم دون مبرر للغياب، وهو الأمر الذي اضطر فيه المراجعون إلى تقديم الشكاوى لوزارة العدل وتحققت منه لجان التفتيش المكلفة بمتابعة أدائهم.

أمر مؤسف وصادم للمواطنين جميعا أن يحدث التقصير والغياب من فئة لها مكانتها في المجتمع، والتي من شأنها أن تكون القدوة لبقية الموظفين في مختلف القطاعات لا أن يكون من بينها من يشتكيه المواطنون وتحقق معه لجان التأديب.

Suraihi@gmail.com