-A +A
«عكاظ» (إسطنبول)
ارتكزت السياسة السعودية في سورية على عاملين رئيسيين، الأول ينطلق من مصالح الشعب السوري والدولة السورية، الذي ترى فيه السعودية العامل الأساسي في عموم علاقاتها مع الدول. أما المنطلق الثاني فهو دور سورية الإقليمي والدولي وأهميته كدولة عربية وإسلامية وتعتبر ظهر البوابة الشرقية بعد انهيار العراق.

لذا فإن المصالح السورية على مستوى الدولة والمجتمع هي محركات السياسة السعودية، ولعل العلاقات التاريخية التي تنطلق من مصالح الأمن القومي العربي، كانت شاهدة على هذه العلاقة التي توليها السعودية أهمية كبيرة، لذا كان الدور السعودي خلال الأزمة السورية إيجابيا يتحرك ضمن الثنائية السابقة.. وقد تنامى الحرص السعودي على سورية بمجيء الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الحكم.


ومنذ البدايات كان الملك سلمان خلال لقاءاته مع المعارضة السورية حينما كان وليا للعهد، يؤكد لهم أهمية سورية بالنسبة للسعودية، وأهمية أن تبقى سورية عربية خارج الفلك الإيراني التي تحاول السيطرة والاستحواذ على هذه الدولة.

ففي الوقت الذي تعمل فيه السعودية على إرساء الاستقرار من خلال الجهود السياسية والدولية والتواجد في كل المحافل حول سورية، نجد إيران توغل في التدخلات السلبية واعتمادها على منطق الفوضى، بينما تقوض من خلال تسليح الحوثيين الشرعية في اليمن من أجل الفوضى أيضا، لأن دولة مثل إيران تحسن التموضع في بلدان الفوضى كما حدث في سورية واستحكمت على الأسد ورجاله من خلال إغراق سورية بالميليشيات وفرخت ميليشيات حزب الله وغيرها من الميليشيات العراقية والأفغانية على الأرض السورية.. ومن هنا أيضا تتأتى أهمية عاصفة الحزم -مهما كانت التكاليف- فحين يتعلق الأمر بالأمن القومي والوطني لا يمكن الارتهان لحساب الربح والخسارة، ومع ذلك كانت خسارة إيران كبيرة ولا تزال في حالة من الاستنزاف.

المشروع الإيراني كان يهدف إلى بناء قوات بديلة عن الجيوش النظامية، أساسها النهج «الميليشياوي» والولاء الطائفي، تمكنهم إيران من حيازة مناطق إستراتيجية على الخريطة السياسية والاقتصادية في المنطقة العربية، بحيث تشكل تلك «الأذرع» قوساً ممتداً من سورية إلى العراق حتى شط العرب والخليج العربي، يقابله التمدد الحوثي في اليمن، وهو ما يعني الطعن في الخاصرة الخليجية والسعودية على وجه التحديد.

اليمن والبحرين كانتا أبرز محطات الحيوية السياسية السعودية، لكنهما ليستا الوحيدتين في مشروع تثبيت «هيبة» السعودية الأمنية التي يحترمها العرب ويترقبون حركتها تجاه كل ما يجري في المنطقة.

إن ما قدمه الملك سلمان من مواقف سياسية، فضلا عن المواقف الإنسانية للشعب السوري، يثبت أن السعودية لا تتخلى عن الأشقاء وتقف معهم في محنتهم تحت كل الظروف، وبالتالي هذه هي المكاسب السعودية من المنطقة، أن تحافظ على الأشقاء، ولعل مؤتمر الرياض1 الذي عقد في نهاية العام 2015 وكذلك مؤتمر الرياض2 الذي انتهى في الشهر الماضي، دليلا على رغبة السعودية في تقديم كل أشكال الدعم للشعب السوري حتى تنتهي هذه الأزمة الخانقة، وتعيد السعودية الأمن والاستقرار إلى سورية.