-A +A
خالد صالح الفاضلي
يراقب السعوديون نوايا وقرارات تم الإعلان عنها أخيراً لناحية إعادة هيكلة حزمة قنوات تلفزيونية مملوكة للدولة، وبصفتي متواجدا 30 سنة في عالم الصحافة والتلفزيون، فإنني – كعادتي – أحب أن أتعلم من مراقبة تجارب الآخرين، وأحياناً أتمنى المشاركة في بعض ورش العمل.

تطوف بخاطري تصورات، أرجو أن تكون غير «شاطحة»، فليس لدي قدرة على «مناطحة» أسود يرفضون التطفل على حمى العرين المكين منذ عشرات السنين؛ فالتلفزيون السعودي يسكن قلعة محصنة ضد الغرباء، وهي ترجمة لكلمة «شللية» كانت «سم» المكان، والأذهان.


يأتي أول التصورات، (حسب فهمي أو وهمي) في أهمية تأسيس مركز أخبار مستقل، يهتم بإعداد نشرات أخبار، مستقل عن جسد التلفزيونات السعودية (إدارة تحريرية ومالية)، ثم نذهب إلى المكاتب التلفزيونية المنتشرة في عدة مناطق وتحويلها إلى قنوات تلفزيونية فضائية إقليمية (لا تقدم برامج سياسية أو دينية)، وتهتم بتلفزة حياة المنطقة، بينما أثناء حينونة وقت نشرات الأخبار، تعود جميع القنوات الإقليمية إلى مركز الأخبار.

تحتوي كل منطقة سعودية (عددها 13) على محتوى تلفزيوني يكفي لعدة قنوات، فدول مجاورة، أو عالمية أصغر مساحة، وكثافة سكانية من غالبية مناطق السعودية، وتحتضن عدة قنوات، وبالتالي فإن الخوف من قصور المحتوى التلفزيوني (كماً وتنوعاً) غير مبرر.

تتوفر في كل منطقة سعودية مقومات مانحة للحياة التلفزيونية، وقاعدة إعلانية تكفي لتغطية ميزانيات تشغيلية، ومناشط ثقافية، فنية، علمية، آثارية، سياحية، تجارية، رياضية، مسرحية، بالإضافة إلى جامعات وكليات توفر متحدثين قادرين على الإسهام بتنوير الوعي، وإعادة تعريف زوايا السعودية للعالم.

يأتي غرس قناة تلفزيونية في كل منطقة سعودية بحصاد متنوع، يتصدره تعزيز الوطنية، تكثيف فرص الإبداع، تحريك الهمم داخل كل منطقة، مراقبة أداء الأجهزة الحكومية الخدماتية، وإنتاج جيل سعودي من العاملين في التلفزة، بالإضافة إلى أن وجود شاشة للمنطقة يحفز الكوادر الإبداعية في الركض نحو إنتاج مسرحيات، أو أفلام ومسلسلات.

كان ذلك تصورا أول، تليه أمنياتي بأن يغرس التلفزيون السعودي مجموعة استديوهات بث مباشر في أسواق المدن الكبرى، يسهل من خلالها الوصول للمتحدثين (أخبار أو برامج)، بعيداً عن تعقيدات الوصول إلى المركز الرئيسي للتلفزيون؛ فالمتحدث يظهر على الشاشة لعدة دقائق، بينما زمن الوصول إلى المركز الرئيسي يأخذ من عمره ساعة على الأقل.

يأتي التصور الثالث بأن يتم تسليم مكتبة التلفزيون السعودي لشركة تهتم بتحويل المحتوى التلفزيوني الساكن في (الأشرطة العتيقة) إلى محتوى إلكتروني، يتم بثه على قنوات يوتيوب، أو تطبيقات جديدة، تحقق الربط بين ذاكرة الأجيال، ومنافع ثقافية، وتربوية، إضافة إلى قابليتها تحقيق عوائد مادية كبيرة (رعاية، وإعلانات)، بينما الأهم يكمن في وصولها إلى شرائح بشرية جديدة، (خاصة: مسلسلات وبرامج يمتلك التلفزيون السعودي حقوق بثها الحصري، لم تنل استحقاقها من المشاهدة، وكانت تكاليفها أشبه بالهدر المالي).

تتوقف تصوراتي هنا، رغم تحفزها نحو أهمية استحداث أساليب أفضل لمكافحة عقود يتم توقيعها تحت الطاولة، وفوق الشلة؛ لأنني واثق بأن الإدارة الجديدة ذات وطنية عالية، وتجاوزت عقدة المصالح الشخصية.

jeddah9000@

jeddah9000@hotmail.comm