-A +A
عيسى الحليان
يظل حجم الإنفاق السنوي هو الرقم الـ«ماستر» في القائمة المالية للميزانية العامة والمترسب في ذهنية المواطن السعودي، لكن ما هو أهم من هذا الحجم هو نسبة الموارد المستدامة في سلة مكونات هذا الإنفاق، وهو التحدي الذي ظل هاجساً للمواطن والدولة طيلة عقود طويلة وإن كان لم يحقق أي تقدم يذكر إلا في السنوات الأخيرة، بل إن نسبة الاعتماد على الموارد غير النفطية كانت ترتفع مع ارتفاع أسعار النفط، وتنخفض بطبيعة الحال مع انخفاضها، وهو ما عرض المالية السعودية إلى رحلة طويلة من التقلبات المالية التي تعاقبت على البلاد مع كل دورات أسعار النفط التاريخية، وهذا ما عصف بالبرامج التنموية والتخطيطية للبلاد بحيث أصبح الإنفاق والتخطيط التنموي ككل يحسب كل سنة بسنته.

في ميزانية العام الماضي 2017 سجلت الإيرادات غير النفطية 256 مليار ريال وهو ما يوازي 37% من إجمالي الإيرادات ومن المتوقع ارتفاعها 14% عام 2018 ليصل الإجمالي (غير النفطي) إلى نصف موارد الميزانية، ورغم ارتفاع هذه الموارد غير النفطية تباعاً وبشكل غير مسبوق، إلا أنه لا يمكن الحكم على هذه النسب باعتبارها تنويعا في الموارد بشكل مطلق، فأحياناً ما يشكل نقص الموارد غير النفطية واحدا من أسبابها ومكوناتها، على سبيل المثال فإن أكبر مساهمة غير نفطية في تاريخ الميزانية السعودية كانت عام 1998 حيث بلغت 44% ولم يكن يعزى ذلك لزيادة في هذه الموارد آنذاك، وإنما جاءت جراء نقص حاد في موارد النفط، ورغم كونها مسألة يفترض أن تؤخذ بعين الاعتبار في أوزان هذه النسب والمكونات العامة لعملية التنويع، إلا أن التقدم الذي حصل في ميزانية هذا العام أن نسبة الإيرادات غير النفطية سوف تزداد بالرغم من زيادة الإيرادات النفطية ذاتها، وبنسبة أكبر منها، وهذا تقدم ممتاز، إضافة إلى دخول الصناديق الحكومية على خط الإنفاق في مكونات هذه النسبة، وهو ما رفع من نصيب الموارد غير النفطية، حيث لم تكن موارد هذه الصناديق تحتسب أو تدخل ضمن موارد الميزانية العمومية.


لن نبكي على الأطلال، لكن ماذا لو توفرت الإرادة السياسية والاقتصادية قبل 20 - 30 عاماً كما هي عليه اليوم وكما كان الكل يطالب في ذلك الوقت للبدء برحلة الإصلاحات الاقتصادية المتدرجة عبر خطة طويلة الأمد، كيف ستكون عليه حالنا وحال اقتصادنا اليوم؟