-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
ميزانية طموحة هي الأضخم بقدر طموح الوطن الذي يستحق، والمواطن الذي يدرك التحديات الاقتصادية والأخطار بالمنطقة ويثق دائما أنه في قلب القيادة، والهدف الأول لهذا الإنفاق السخي، وخطة التحول المتسلحة بعزم على تنمية وتنويع الموارد وضبط الإنفاق ورفع كفاءته، وسد الأبواب الخلفية لمظاهر وأسباب الفساد والهدر والإهمال.

978 مليار ريال هو حجم الإنفاق وزاد عليها 133 مليار ريال من صندوق الاستثمارات العامة وصناديق التنمية الوطنية لتصل الميزانية إلى أكثر من تريليون و100 مليار ريال. نحن إذن أمام أرقام تؤشر إلى نجاح خطوات الحكومة الرشيدة بإعادة الهيكلة الاقتصادية وتخفيض الاعتماد على النفط إلى 50%، ليظل مصدر دعم للاقتصاد والأمان لخطط التنمية دون رهنها به.


أيضا تؤشر الميزانية الجديدة إلى استمرار المشاريع الكبرى عبر التمويل والاستثمارات والشراكات العالمية في مجالات التقنية وتوطينها، وقد أوفت الحكومة بالتزاماتها للقطاع الخاص، بل تخصيص اعتمادات كبيرة لدعمه ليضخ استثماراته في مشاريع التنمية ومنها قطاع الإسكان الذي كان حتى سنوات قليلة حالة مستعصية على علاجها، واليوم أنجزت وزارة الإسكان خطتها بـ280 ألف وحدة سكنية وقروض تمويل وانطلق قطار الإسكان بخطة إنجاز مماثل للعام الجديد، مثلما ينطلق قريبا قطار الحرمين ومشاريع النقل في الرياض وجدة وغيرهما.

نتفاءل كثيرا برؤية 2030 التي يرعاها خادم الحرمين الشريفين ويقود تنفيذها وأهدافها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ودائما الصورة تكتمل بتفاصيلها وملامحها في هذه القرارات الجريئة واختصار المسافات نحو المستقبل، وهذه رسالة إلى المواطن بأن يثق بعون الله وتوفيقه في مسار واستقرار سفينة الوطن وأن القادم أجمل بإذن الله.

أيضا رسالة إلى الخارج بأن المملكة بسياستها وعزيمتها، دائما تأتي بمفاجآت أكبر من التوقعات رغم المسؤوليات الجسام التي تتحملها بعزم للتصدي لتآمر إيران ومخططها الخبيث لجعل اليمن الشقيق خنجرا في الخاصرة، ومقرا لفتن الفوضى عبر وكلائه من الميليشيات الحوثية التي استهدفت عاصمتنا الحبيبة كما استهدفت من قبل مكة المكرمة بصواريخ باليستية عدوانية، وهذا أمر لا يمكن للمملكة التهاون معه وإلا فالخطر السرطاني الإيراني وأذرعه الخبيثة سيتمكن من مستقبل هذه المنطقة لا سمح الله.

عودة إلى الميزانية العامة وبنودها المحفزة للتحليل والانشراح، وأشير هنا إلى أكثر من نقطة مهمة، أولها أننا بالفعل نتطلع إلى تحقيق أهداف الرؤية تباعا، وقد بدأت بصماتها في أكثر من مجال، نذكر منها قيادة المرأة للسيارة وتفعيل دورها بإتاحة مجالات العمل وفرص التوظيف ودخولها سوق العمل بجدارة بالتوازي مع أبناء الوطن.

النقطة الأخرى هي قطاع التعليم وقد حظي بأعلى المخصصات، وهذا يبشر بالخير لتجويد مخرجاته، والتعاون العملي مع قطاع التدريب المهني والتعليم الفني خاصة في المرحلة الثانوية، للتأهيل المبكر على التخصصات العملية لتصحيح الهدر النظري لعقود طويلة، والمرحلة المقبلة ستشهد التنمية طلبا أكثر على الكوادر المتخصصة.

أخيرا القطاع الخاص عليه الدور الأكبر في كل ذلك إن كان في مشاريع التنمية وهي كثيرة بشكل عام، والإسكان والبنية الأساسية بدرجة كبيرة، مع التوسع في الاستثمارات الإنتاجية التي تزيد من حصة المنتج الوطني وتخفض فاتورة الاستيراد الذي يشمل معظم السوق الاستهلاكية والحركة التجارية، كما ينتظر منه الوطن إسهاما أكثر في توطين الوظائف، ولا ننسى في كل ذلك المشاريع المتوسطة والصغيرة، وكل هذا يدعم التنمية الحقيقية والشاملة والمستدامة للاقتصاد والمواطن.