-A +A
عيسى الحليان
كان الدكتور «عبدالعزيز الدخيل» يصف الاقتصاد السعودي بأنه كبير في حجمه بسيط في بنيته، وأنه اقتصاد حكومي داخل إطار اقتصاد السوق، وأعتقد أن هذا الوصف قد تغير كثيرا في ضوء الإصلاحات الجذرية التي تقوم بها حكومة الملك سلمان، لتقويم بنية الاقتصاد السعودي من جذوره.

ففي كتابه الموسوم «أزمة مالية في طريق التكوين»، يقول الدخيل بأنه سأل ذات مرة هل هذه الأزمة المالية في المملكة حتمية أم أنها غير حتمية؟ مجيباً أنها غير حتمية إذا قامت الدولة بإصلاحات سياسية واقتصادية، وأعتقد (أنا) بأن المملكة تسير قدما في هذا الاتجاه بقوة وسرعة أذهلت المراقبين في الداخل والخارج!


ورغم أن النسخة الإنجليزية من هذا الكتاب قد صدرت عام 2013 من دار النشر الأمريكية العريقة Macmillan، وجاءت في ذروة الحقبة النفطية وارتفاع موارد النفط، في ما يعتبر حينه رأياً معاكساً للتيار وهو ما يعطي مصداقيته لهذا البحث، حيث انخفضت أسعار النفط لاحقا وبشكل حاد وحدثت الأزمة في الموارد النفطية، وبعد ذلك بـ3 سنوات (2016) تم طباعة أول نسخة عربية من البحث، ولذلك فإن الذي يقرأ هذا الكتاب يشعر بأنه قد صدر وقت الأزمة وليس قبلها بسنوات.

ولعل ما يضفي أهمية على هذه الأطروحة، التي تضمنت استعراضا عميقا لواقعنا الاقتصادي وتقييما لطبيعة الهياكل القائمة، أن المؤلف وكيل وزارة مالية سابق ورئيس مجلس إدارة لعدد من المؤسسات المالية الكبيرة، ويعد مركزه مصدراً لتقييم السياسات الاقتصادية، خلاف كونه يعمل أستاذا زائرا وباحثا في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة وجامعة جورج تاون بواشنطن وغيرها، لكن كان الفصل السابع هو الأكثر أهمية في هذا الكتاب، حيث أطروحته لحل الأزمة المالية يقضي بتشكيل هيئة وطنية لإعداد إستراتيجية طويلة الأمد للبلاد 2016 - 2030، تتكون من الخبراء السعوديين المشهود لهم بالخبرة والتخصص والنزاهة، ولعل ما تحقق بعد ذلك كان تشكيل مجلس الاقتصاد والتنمية برئاسة سمو الأمير محمد بن سلمان، والذى قام ويقوم بجهود جبارة لإعادة إنتاج هياكل الاقتصاد السعودي والانتقال به من اقتصاد رعوي إلى اقتصاد يقوم على آلية السوق.