-A +A
أنمار مطاوع
تطرح الوزارات والمؤسسات والهيئات - باستمرار - برامج ومبادرات موسومة بمصطلحات رنانة، تحمل طموحا عاليا وأهدافا سامية ورؤى ملائكية.. كلنا ثقة أن أغلبية تلك البرامج صُممت من أجل تحقيق تلك الطموحات والأهداف والرؤى، لكن طريقة التنفيذ - في المجمل - تأخذ طابعا رخيصا؛ رخص في الصرف عليها، ورخص في التعامل معها بجدية، ورخص في تحصيل نتائجها، فتتحول البرامج والمبادرات إلى عبث مضيع للوقت والمال والجهد.. وينتهي المطاف إما بإهمال المشروع أو إيقافه.

مؤخرا، تم الإعلان عن مبادرة (ارتقاء) في وزارة التعليم بهدف (تعزيز مشاركة المدرسة مع الأسرة والمجتمع في العملية التربوية والتعليمية).. هذا تعريف الوزارة للمبادرة. وقد أقامت له ملتقى خاصا بـ(شراكة المدرسة مع الأسرة والمجتمع).


مادة (التربية الوطنية)، بكل رؤيتها وأهدافها وطموحاتها.. تحولت إلى (مشروع لا هوية له).. تفتقد في كثير من المدارس إلى ملامح واضحة. وبين هذا وذاك، ظهر مشروع (فطن)، وأيضا بعد أن توالت القرارات تلو القرارات والتعاميم تلو التعاميم.. والتشريعات والأدلة والسياسات.. على المدارس، تاه (فطن) وخرج عن مساره وتحول إلى (مشروع لا هوية له).. ثم تم إلغاؤه مؤخرا.

قائمة المشاريع والمبادرات والبرامج التي تطرحها وزارة التعليم - تحديدا - أصبحت هما يتفرغ له قادة المدارس ومعلموها.. يشغلهم عن همهم الأساس (التربية والتعليم).

الدراسات والتجارب العالمية في مجال التعليم؛ مثل: التجربة اليابانية أو الكورية أو الكندية.. هي للاستضاءة فقط وليست للتطبيق. لقد تجاوز العالم مرحلة التطبيق الصامت. نحن الآن في حاجة لابتكار تجربتنا الخاصة. مفهوم التعليم لم يعد إشراقة نور تعمُّ (الجميع) من مطلع الشمس حتى مغربها.. بل أصبح لكل مجتمع إشراقته الخاصة باحتياجاته وذائقته وطبيعة ثقافته..

مبادرة (ارتقاء) هي ثقافة تهيئ وتمهد لرؤية 2030 بأن (تكون خمس جامعات سعودية في التصنيفات الدولية ضمن أبرز 200 جامعة). المبادرة راقية فكريا وخطوة صحيحة في المسار الصحيح لأنها تبدأ من الأساس.. لكن ما يترتب على تحقيقها من (تشريعات وأدلة وسياسات) هو الحكم الفصل في تحقيقها أم تحويلها إلى (مشروع لا هوية له) مصيره الإلغاء بعد عامين أو ثلاثة.

مشاركة أصحاب الاختصاص في أي مشروع تطرحه وزارة أو هيئة أو منظمة.. هو البوصلة التي تضمن السير في الطريق الصحيح.. دون ضجيج عال ليس له منقلب سوى ذهاب المضمون وبقاء الشكليات.