-A +A
حمود أبو طالب
البكاء والعويل وشتم أمريكا وإسرائيل والوعيد الكلامي بالويل والثبور لن يخلق موقفا قويا يجعل الإدارة الأمريكية تحسب له حسابا وتفكر بالتراجع عن قرارها اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، فهذا الملف استمر مطروحا في البيت الأبيض منذ نشوء فكرته، وظل ورقة تلوح بها أمريكا في مناورات سياسية بحسب ظروف ومناسبات استخدامها، وفي المقابل كانت الإدارة الفلسطينية منقسمة على نفسها ما بين سلطة رسمية وأخرى تنافسها وتدخل في صراع سياسي وأحيانا مسلح معها، بعد زمن طويل من إضعاف الفصائل الفلسطينية العديدة السابقة للقضية العربية المركزية، حتى لم يتركوا للمتضامنين معها والذين تبنوها أكثر منهم فرصا قوية لإنقاذها من الشتات السياسي الفلسطيني. وبعد دخول المنطقة العربية في مخطط ما سمي بالربيع العربي وتفتت بعض دولها وانكماش الموقف العربي الموحد، لم تبق سوى المملكة التي تتبنى شبه وحيدة الدفاع عن القضية الفلسطينية وتضمينها كل مواقفها السياسية وإدراجها كورقة أساسية في علاقاتها مع الغرب بما فيه الدولة الرئيسية، أمريكا.

لذلك فإنه قبيح جدا المزايدة الآن على المملكة في تأريخها الطويل من دعم القضية الفلسطينية منذ بدايتها، ومن غير المنطق تحميلها وزر الممارسات السياسية الفلسطينية الخاطئة وانقساماتها، واستخدام بعض الدول العربية لها من أجل تحقيق مصالح ذاتية أضعفت فلسطين والعرب جميعا. بالإمكان الآن القيام بتحرك ما وبشكل سريع من خلال تنسيق موقف رسمي بين الدول العربية والإسلامية والمنظمات التابعة لها وممثلياتها في المنظمات الدولية، بالإضافة إلى تحرك مدني في أمريكا والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لإجبار أمريكا على التراجع عن قرارها، ولكن يجب على الفلسطينيين الانضمام لموقف كهذا إذا حدث وليس العمل ضده والمضي في مسار مغاير ينسف أي أمل محتمل لإلغاء القرار الذي يدل على رعونة متناهية وحسابات ضيقة وتهور خطير.


habutalib@hotmail.com