-A +A
عبده خال
اغتيال الرئيس اليمني السابق صالح كان مأساويا، والتمثيل بجثته كان صادما أعاد القلوب المتعاطفة وغيرها إلى حالة الاستنكار..

ولو عدنا للخلف فإن ميتة الرئيس صدام حسين كانت أضحية تم شنقها في يوم العيد الكبير ولم يدر بخلد قاتليه أنهم نظفوا سيرته فتسابقت القلوب لضمه ولهجت الألسن ترحما عليه، حتى قيل إنه شهيد وأدخل إلى الموت من باب الاستشهاد.


وبين مقتل صدام واغتيال صالح كانت ميتة معمر القذافي التي هيجت النفوس ومكنت الألسن من التنديد بطريقة موته، خصوصا بعد مشاهدته ينقاد من أنفار يتصايحون وكأنهم أوقعوا فريسة يجب تعذيبها..

هذه المشاهد الثلاثة لقتل رؤساء عرب كان لها الأثر العميق في نفوس الشعوب العربية، حتى من كان كارها لهم تحفظ على طريقة موتهم، ووجد في نفسه غضاضة للفعلة ذاتها سواء صرح بذلك أو أخفى تصريحه.. لذا يمكنني القول إن شعوبنا العربية شعوب تجمع النقيضين في وقت واحد، وأهم ما يمكن استنتاجه ظهور صفتين أساسيتين متناقضتين لمقتل الزعماء الثلاثة، تتمثل في: التعاطف والوحشية. فطريقة القتل لا يمكن أن يكون فاعلها متمتعا بأقل من القليل عاطفيا، ونفس الفاعل تجده يتعاطف مع مقتل كلب أو هرة ويتباكى لوحشية من قام بقتل ذلك الحيوان المسكين...

واذ نفينا عن القاتل أي عاطفة فتعالوا نجرب على أنفسنا نحن من لم يقم بقتل أي رئيس من الرؤساء الثلاثة... اتفقنا. لأن نفس الذين حملوا حقدا على الزعماء الثلاثة هم أنفسهم من تعاطف ورفض طريقة مقتلتهم، الصفتان اللتان ذكرتهما (التعاطف والوحشية) تشي بأننا مازلنا خارج التربية السليمة، فالتربية السليمة تستهدف: العدالة عند القدرة، ولأننا جميعا (رؤساء ومرؤوسين) لا نحفل بقيمة العدالة نكون فريسة لكل الصفات المشينة التي تحث على الثأر.. والثأر بأشد أنواع التوحش، وعندما يثأر أحدنا بتلك الطريقة المقيتة تجدنا (نحن المشاهدين لعملية الثأر) متحسرين ناقمين على من قام بالانتقام.