-A +A
جبير الجبير
وفقا لتصريح سمو ولي العهد بأنّ 95% من الموقوفين بتهم الفساد وافقوا على التسوية.. وأن نحو 1% أثبتوا براءتهم، فيما أنكر 4% التهمة عن أنفسهم ورغبوا التوجه إلى القضاء.

فيما صرح النائب العام قائلا: تم استدعاء 208 أشخاص لاستجوابهم في ما يتعلق بتحقيقات الفساد.. وإن حجم الاختلاسات في القضايا المنظورة بلغ (100 مليار دولار).


هذا يعني أن عدد الموقوفين الموافقين على التسوية (197) شخصا، وبحسبة بسيطة يكون نصيب كل موقوف (5.1 مليار دولار) أي ما يعادل (20 مليار ريال)! علما بأن التسوية لم تستغرق أكثر من شهر واحد!.

في المقابل نجد: أودع في حساب صندوق إبراء الذمة منذُ إنشائه قبل (12) عاما حتى الشهر الماضي مبلغ قدره (340 مليون ريال) عبر نحو 60 ألف عملية! مع العلم بأن الصندوق يستهدف موظفي الدولة الذين وقع منهم تقصير إزاء مهماتهم الوظيفية، وكل من ساوره شك في أموال حصل عليها بطرق غير نظامية أو خالطتها شبهة أو تقصير ويريد إبراء ذمته منها.. أو يريد تقديم أموال على سبيل الوقف أو الهبة يعود ريعها إلى حساب الصندوق.

في الواقع لم أستحضر تلك الأرقام لإجراء مقارنة.. فالفوارق الرقمية كبيرة وواضحة للعيان.. لكن ما وددت الحديث عنه أن بعض الموقوفين كانوا وراء طرح فكرة فتح هذا الحساب على الملك عبدالله «رحمه الله» في أول أيام تسلمه مقاليد الحكم في 26 /‏ 04 /‏ 1426هـ، عندما لمسوا عزمه على محاربة الفساد والحد منه قبل أن يستشري بهذا الشكل المخيف في كافة قطاعات الدولة وبين شرائح المجتمع.. فما كان منه «رحمه الله» إلا أن أصدر أمره السامي رقم: 5597 /‏م ب وتاريخ 29/‏ 04/‏ 1426هـ، القاضي بفتح حساب خيري لإبراء الذمة وإسناده إلى البنك السعودي للتسليف والإدخار.. أي بعد توليه الحكم بـ(3 أيام) فقط!! واستكمالا لمنظومة الأجهزة الرقابية للدولة في مجال مكافحة الفساد أصدر«رحمه الله» أمرا آخر بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بتاريخ13/‏4/‏1432هـ، ولم تكن تلك الإصلاحات الإدارية جديدة على مجتمعنا.. فقد تعودنا أن نشهد مع بداية كل عهد من عهود ملوك المملكة إصلاحات تهدف إلى تحسين أعمال الدولة وتجويدها.. لكن الاختلاف يتمايز في مناسبة التوقيت وآلية التنفيذ وسعة نطاقها وصدق وإخلاص القائمين عليها.

بالطبع لا أحد يملك معرفة ماهية التقارير التي كانت ترفع للملك عن أداء الصندوق في تلك الفترة.. لكن من الممكن التخمين بها قياسا بضآلة أرقامه! ويمكن الجزم أنها كانت باعثة على الاطمئنان! بل ربما إنها كانت تؤشر على أن الفساد ليس له ذاك الأثر الكبير على أرض الواقع!! ولعل التقارير السنوية التي كانت ترفعها هيئة مكافحة الفساد للمقام السامي عززت من تلك المشاعر المخادعة نظرا لأدائها الباهت!! الأمر الذي جعل من صندوق إبراء الذمة جسر عبور بعض المتمكنين إلى ساحة الفساد الرحبة والتمكن من نهب خزينة الدولة الممتلئة ومحاولة إشراك أكبر عدد من الأسماء الرنانة وإغرائهم لكي يضيع دم النزاهة بينهم مما يصعب ملاحقتهم مستقبلا.

تعريف:

الفساد السياسي هو إساءة استخدام السلطة العامة من قبل النخب المتمكنة لأهداف غير مشروعة كالرشوة، الابتزاز، المحسوبية والاختلاس.

آية:

قال الله عز وجل (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) آية 41 /‏ الروم.

dr.jobair@gmail.com