-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
في زمن طفولة جيلنا لم تكن المدنية قد حضرت بسلبياتها وإيجابياتها، ولم تكن المخدرات قد انتشرت، ولم تكن الحوادث المرورية ولا الجرائم قد ارتفعت نسب حدوثها، وكانت نسبة الشباب إلى عدد السكان أقل بكثير منها الآن، بكل ما يصاحب ارتفاع نسبة الشباب من صعوبات وطيش وأحداث مصاحبة، ومع ذلك كانت الأمهات والآباء أكثر حرصاً على تربية أبنائهم والحفاظ عليهم من وقتنا الحاضر، مع أن أمهات جيلنا وآباءهم كانوا أقل تعليماً لكنهم كانوا أعلى حساً وتحملاً للمسؤولية، لم تكن الشغالة هي الأم ولا السائق أباً.

اليوم يحق لنا أن نفخر بجهود رجال الأمن وتحملهم لما ينتج عن إهمال الآباء والأمهات من جرائم وأيضاً من ضحايا، فقبض رجال الأمن على كل معتدٍ خلال زمن قياسي لا يتجاوز الساعات إنجاز يحسب لرجال الشرطة والبحث الجنائي وفرق القبض، ولعل القبض على المجرم أبوساطور الذي حاول اختطاف طفلين أحدث الأمثلة وليس أولها ولن يكون آخرها.


تحدث كثر عن جريمة أبوساطور ومحاولته خطف الطفلين، لكن الأهم في نظري أنه حان الآوان لنتحدث إعلامياً في برامج التلفزيون وفي الصحف وفي المنتديات وفي وسائل التواصل عن دور الأم والأب في تواجد أطفالهم مهملين في الشوارع منفردين ودون رقيب، لماذا يعرّضون أطفالهم أصلاً لأمثال أبوساطور، لماذا يسير الطفل في شارع خال وحيداً، ولماذا يترك الطفل يعبر شوارع وخطوطا سريعة، ولماذا يترك المراهق يحضر استعراضات تفحيط ويتجمهر على فعاليات مجرمي العبث بأرواح الناس في شوارع التفحيط.

يجب علينا على مستوى وطني أن نبدأ بمحاسبة الآباء المقصرين والمهملين لأطفالهم مثلما نحاسب من يعتدي عليهم، فكلاهما سبب، أحدهما خلق الفرصة بإهماله والآخر استغل الفرصة بإجرامه.

في زمن جيلنا كنا لا نخرج للشارع إلا بإذن وبوجود رقيب، وكانت الأم تخوفنا بأشياء هي في الواقع طبيعية ولكنها بمسميات مخيفة، مثل (لا تخرج للشارع يجيك حمار القايلة)، كلمة حمار القايلة مخيفة كأنك تتحدث عن وحش، والحقيقة أن الحمار مجرد حمار سائب أو حمار يسحب عربة قاز، أو عربة تحميل، والقايلة هي عز الظهر، والأم ركبت الجملة ليكون للشارع هيبة، فما المانع أن تقول الأم اليوم لطفلها لا تخرج للشارع يجيك أبوساطور، فضلاً لا تقل لي هذا تخويف لا يتناسب مع التربية الحديثة والصحة النفسية، فإن تخوفه أمه خير من أن يرهبه أبوساطور ويحطمه حاضراً ومستقبلاً.

www.alehaidib.com