-A +A
«عكاظ» (النشر الإلكتروني)

أصدرت مؤسّسة الفكر العربي كتاباً جديداً معرّباً عن الصينية مباشرة تحت عنوان «ليه تسي في أحضان الريح» للفيلسوف والأديب الصيني ليه يويكو (المعروف باسم ليه تسي)، وذلك في إطار سلسلة «حضارة واحدة» التي تُصدرها المؤسّسة، وتُعنى بترجمة أمّهات الكتب من الحضارات والثقافات الأخرى، وخصوصاً الآسيويّة منها.

تولّى تعريب الكِتاب البروفسور وانغ يويونغ (فيصل)، أستاذ اللّغة العربيّة وآدابها في جامعة شانغهاي للدراسات الدولية في الصين، وقام بمراجعته الدكتور بلال عبد الهادي. ويُعدّ الكِتاب الذي يُطلق عليه أيضاً اسم «الهدوء والسكون»، أحد أهمّ المؤلّفات الكلاسيكية في تاريخ الفكر الصيني، ومؤلّفه هو فيلسوف شهير في عصر المَمالِك الصينيّة المُتحارِبة، وأوّل مفكّر يدعو إلى نظريّة المراحل الأربع لنشأة الكَون، وأوّل أديب يجمع بين الأسطورة والحِكمة.

يتألف الكِتاب من ثمانية فصول، تتضمّن المنثورات الفكريّة والقصص التاريخيّة والحكايات والأساطير، التي تتعمّق في أفكار هوانغ دي ولاو تسي، وتعكس ما شهده عصر المَمالِك الصينية المُتحارِبة من فلسفات وأساطير وألوان موسيقيّة وفنون عسكريّة، ويتناول فيه مؤلّفه جوانب عدّة من الحياة الاجتماعيّة والثقافيّة في ذلك العصر، مستعرضاً تطوّر الفلسفة الصينية، فضلاً عن صور حضارات وثقافات وعادات وتقاليد، يتجسّد فيها ما كانت المدرسة الطاويّة تصبو إليه من حريّة رِحابٍ روحانيّة.

اعتبر كثيرون أنّ كتاب ليه تسي هذا هو ملحمة عظيمة في تاريخ الصين القديمة، ورائعة من الروائع النثريّة، حيث تناول مؤلّفه فيه نشأة العالم التي لخّصها بنظريّة الطاويّة، وتعني طريق الحياة أو نهر الحياة الذي يجري فينا وفي الكون ليزيدنا معرفةً وحكمة، إذ كلّما نتأمّل أكثر نحصل على قدرٍ أكبر منها، ونقترب أكثر من السعادة الحقيقية والكمال الحقيقي.

ورأى أنّ العالم الواقعيّ يحكمه جوهر موحّد، يتمثّل في الطاويّة، التي لا شكل لها ولا صورة، لكنها تؤلّف أصل التغيّرات والتحوّلات للكائنات كلّها في العالم. وقد ورث ليه تسي ما كان شائعاً عند الفلاسفة الذين سبقوه من الأفكار الجدليّة، فاعتقد أن كلّ الكائنات في العالم تتحرّك وتتغيّر بلا انقطاع وبلا بداية ونهاية، وبينها ما هو فائض وما هو خاسر، وبينها تناقضات وتحوّلات أيضاً، وما هو حيّ وما هو ميّت. فكلّ مادّة وحركة في العالم قابلةٌ في رأيه لتحويلها من هيئةٍ إلى أخرى.

وتطرّق ليه تسي إلى العلاقة بين تهذيب النفس وتطبيق الطاويّة، التي كان ينتهجها المفكّرون من المدرسة نفسها في عصر ما قبل أسرة تشين الملكيّة، وأكّد أنّ الطاويّة لا يمكنها أن تُدْرَك بالعواطف العاديّة، إذ لا بدّ للإنسان أن يعتمد أكثر على تفكيره العقلانيّ لمعرفة الأشياء الخارجيّة، وأن يخضع لقوانين الطبيعة مثل المياه الجارية، ويتمثّل بالعالم الواقعيّ تمثّلاً صادقاً مثل المرآة الصافية.