-A +A
محمد الساعد
سبعة أشهر عجاف مرت بالعلاقة بين الدول الأربع «السعودية، الإمارات، مصر والبحرين» المقاطعة للإرهاب وحكومة قطر، تخللها الكثير الكثير من التفاصيل والمراوغات والخيانات القطرية، أهدرت فيها الدوحة كل الفرص الممكنة للتصالح مع محيطها العربي الخليجي.

بسبب العقلية «المغرورة» التي تسيطر على القرار في قصر الوجبة، وكذلك التشبيك السياسي والاستخباراتي الذي ارتبطت به الدوحة مع تنظيمات إرهابية ودول وأجهزة مخابرات لديها مخططات في المنطقة تم إيكال تنفيذها للقطريين.


مع اقتراب موعد القمة يبدو أن الهوة التي رمت الدوحة نفسها فيها وترفض أن تردمها وبالتالي أبعدتها عن شقيقاتها الخليجيات عميقة جدا، وربما أدت بها في نهاية المطاف إلى نهاية التركيبة الخليجية ممثلة في مجلس التعاون نفسه، ومن غير المنطقي أن تستمر فيها، ليس من أجل المنطقة بل ومن أجل مصالحها ومستقبلها.

قبل يومين فقط من عقد القمة المرتقبة في الكويت 5 - 6 الشهر الحالي، انخرطت الدوحة بكل أجهزتها الإعلامية والأمنية لمنع انهيار ميليشيات الحوثيين أمام الشعب اليمني الذي هب ضدهم، إلا أن ما فعلته قطر لم يقم به حتى الإيرانيون أنفسهم الذين لم يتحمسوا مثل القطريين لنجدة الحوثيين.

المصادر المتواترة أكدت على أن جهودا ضخمة ووعودا هائلة بأموال وأسلحة قدمها ساسة الدوحة للفرقاء اليمنيين من أجل التوقف عن القتال والتفرغ للسعودية فقط، فعن أي حسن نوايا نتحدث وعن أي عيون ستلتقي وأياد ستتصافح.

كان المنطق والعقل والحصافة يفرض على قطر أن تبدي سلوكا حسنا وتتوقف عن أي جهد أو تصريح يزيد الأمور صعوبة تجاه ثلاث دول من أعضاء المجلس ستجلس معها على طاولة واحدة بعد أيام.

إلا أن مراجعة لسلوك تنظيم الدوحة تشير بما لا يدع مجالا للشك أنها تسعى لقمة فاشلة شكلا وموضوعا، وأن عقدها – إن حصل ذلك - لن يتعدى أن يكون برتوكوليا في حال حضرت الدول المقاطعة، وسيكون شعارهم «من أجل عين تكرم مدينة».

هذه القمة لم تعتمد في بنائها على إصلاح ما فسد في العلاقة بسبب الدوحة، بل استنفدت الحد الأدنى من التمنيات و«حب الخشوم»، لكي لا يقال إنها انهارت، وفي ظني أنها ستكون آخر قمة خليجية.

ماذا فعلت قطر خلال الثماني والأربعين ساعة الفائتة حتى يمكن أن يقبلها الرأي العام الخليجي قبل الحكومات، لقد أقحمت نفسها في أكثر القضايا حساسية للمواطنين السعوديين بالانحياز للميليشيات الحوثية فصيل إيران في اليمن لإبقائهم خنجرا في خاصرة الرياض، وهي التي أطلقت الصواريخ على مدنهم وقتلت أبناءهم، سيكون ذلك أخطر ما فعلته الدوحة ووصمة عار تلاحقها مهما سكتنا ومهما ابتلعنا السكاكين.

إعادة التموضع الخليجي بدأ بالفعل منذ الخامس والعشرين من شهر جون الماضي، حماية للدول الأربع من خيانات قطر المتتالية وتحالفها مع إيران والقاعدة والنصرة والإخوان المسلمين ضد المشروع الوطني العربي.

ترتب على إعادة التموضع انكشاف الحالة القطرية التي تلبست كثيرا بالمجاملات والتحايلات وشراء الوقت، إلا أن أجندتها لم تختلف ولم تتغير أبدا.

السلوك القطري العدائي لم يبدأ في أعقاب المقاطعة، لكنه ازداد وقاحة بدءا من إرسال صاروخ للرياض قبيل القمة الخليجية العربية الأمريكية التي عقدت في الرياض، مرورا بتشكيل تنظيم مخابراتي في المملكة ودعمه بالمال والإمكانات.

يبدو أن حكام الدوحة يستيقظون صباحا لا هم لهم إلا إيذاء الرياض، والبحث عن أي فعل يعطل مسيرتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لقد تصاعدت أعمال الدوحة بشكل غير مسبوق خلال الأسابيع الماضية، وكأنها رسالة للكويت قبل الرياض، تؤكد على أن قطر تعيش حالة من الإنكار والغرور الذي سينهكها نهاية الأمر.