-A +A
حمود أبو طالب
انفجرت صنعاء يوم الثاني من ديسمبر وكان لا بد أن تفعل حتى لو تأخرت، كانت تُراكم الغضب وتلملم أوجاعها وتحاول النهوض من وحل الفضيحة الذي أراد الخونة إغراقها فيه بتجييرها إلى مغتصب غريب لا يليق بنقاء دمها وفتنة جمالها وأصالة تأريخها، إنها صنعاء التي قال شاعرها ذات وقت موغل في الحب:

يا بنت سبعة آلاف وما برحت ـ


صبيةً تشتهي الدنيا مُقبَّلها

قصيدةٌ أنت يا صنعاء ما

قالها شاعر، لكن تخيّــلها

هي كذلك، دائماً وأبداً، لكنها لم تكن عبر تأريخها العريق الضارب في أعماق الزمن سهلة القياد للطامعين، هي حرةٌ تأنف أن تلمسها الجينات الغريبة، لا تطيق رائحة العلوج وتصيبهم بلعنتها مجرد أن يقتربوا منها أو حتى يفكروا في الاعتداء على شرفها، هي شرف العرب ومنبتهم وفخرهم وقصيدتهم التي هبطت من السماء، فكيف ظن أوباش الفرس أن باستطاعتهم استباحتها والنوم في مخدعها، كم كانوا أغبياء عندما لم يقرؤوا التأريخ ليعرفوا عدد الغزاة الذين سقطوا قبل وصولهم إلى أسوارها. لو كانوا قرأوه لما راهنوا على حثالة من الجهلة الخونة المرتزقة ليكونوا عملاء لهم في موئل العروبة.

صبرت صنعاء كثيراً لكنها امتشقت كرامتها يوم السبت الثاني من ديسمبر، نهضت مبكراً وصرخت بأعلى صوتها: كفى، فهب أبناؤها الشرفاء من كل حدب وصوب ليطهروها من رجس عدو أثيم متلبس بثوب أبنائها لكنه يخفي تحته خناجر الغدر والخديعة والدناءة والخسة، أراد أن يبيعها بثمن بخس لكنها بصقت في وجهه وقررت أن تعلمه درساً في الكرامة التي لا يعرفها.

لسنا الآن في الحديث عن السياسة، ولا قراءة المشهد اليمني والاحتمالات الممكنة بعد التطور الدرامي المتسارع الذي بدأ يوم السبت، نحن الآن بصدد الابتهاج بعودة أم العرب الى حضنها العربي، وغسل العار الذي حاول الخونة إلصاقه بها. نريد أن نقول أهلا بصنعاء، وأهلا باليمن على أيدي أبناء اليمن الأحرار الذين سينتقمون من المرتزقة الذين اعتاشوا على كرامته وتأريخه.

habutalib@hotmail.com