-A +A
أنمار مطاوع
فيما مضى، كان التصوير محرما مجملا وتفصيلا. فقد فُسرت الأحاديث النبوية الشريفة الخاصة بالتصوير على وجه التحريم، مثل الأحاديث التي وردت في الصحيحين: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم)، وحديث: (من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ).. وغيرها من الأحاديث الكثيرة التي أوردها العلماء.

في كتاب التصوير للشيخ ابن عثيمين،-بعد تفصيل للجائز والمحرم- أباح رحمه الله التصوير في مجمل حديثه: (... تصوير ذوات الأرواح بغير اليد مثل صور الكاميرا لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم..) وذهب إلى أن هذا ليس فيه تفصيل ولا تشكيل وإنما نقل -مع وضع شروط ومحاذير-.


وفي جانب آخر، ذهب بعض العلماء إلى أن التصوير بالجوال والفيديو والكاميرا لم يشتمل التصوير المحرم.

يجد المتابع لحكم التصوير أنه تطور من تحريم تصوير الشجر الذي يُثمر.. إلى إباحة التصوير -ضمن الضوابط الأخلاقية- حيث تم تشبيهه بالنظر إلى المرآة وهو جائز بالإجماع.

الاجتهاد فيه باب للتوسع وإباحة تصوير الإنسان لنفسه من أجل الاحتفاظ بلحظة زمنية عزيزة على النفس قد تثمن حياة الإنسان نفسه، وهذا التوسع لا يتماشى مع استسهال بعض الجهات في وضع لوحة (ممنوع التصوير) في أماكن لا خلاف عليها، مثل: الأماكن المقدسة، والحرمين الشريفين، والأماكن السياحية.. فالصورة ذكرى لحظة ربما لن تتكرر، خصوصا للزائر والحاج والمعتمر وستعيش معه بقية عمره بروحانية عالية.

نظاما لا يجوز التصوير في الأماكن التي وضعت عليها لوحة (ممنوع التصوير) ولكن لو جاء النظام مخالفا لسيرورة الحياة والنمط الجديد للتفكير الإنساني، فهو نظام وضع ليُكسر. الجميع يشاهد الحاج والمعتمر والزائر وهم يصورون أنفسهم داخل الأماكن المقدسة وعند القبور وفي المساجد.. وتحت كل هذا الضخ الهائل من الصور، يجدون أمامهم لوحات مكتوب عليها (ممنوع التصوير).

مخالفة نظام واحد -لأنه غير قابل للتطبيق ولا يتماشى مع سيرورة الحياة- سيفسد احترام الفرد لبقية الأنظمة ويجرئه عليها.