-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
ما تشهده المملكة من قرارات وخطوات جريئة، وما تحققه سياستها من رصيد التأثير إقليميا وعالميا، مثير للاهتمام والتفاعل داخليا وخارجيا، لأنها باتت على غير ما اعتدناه واعتاده العالم من تريث ومهادنة وتجاوز، أغرى بعض الدول والقوى الإقليمية كإيران وقطر وأذنابهما بتهديد سلامة واستقرار بلادنا والأمة وإثارة الفتن ورعاية جماعات الفوضى والإرهاب، واليوم لا تهاون مع كل ذلك.

رغم ما مرت به بلادنا مع دول العالم من أزمات اقتصادية ومخاطر الإقليم، ظلت الدولة تنفذ خططها التنموية، ولم نعان كما عانت شعوب كثيرة حتى في الدول الكبرى، في الوقت الذي تتحمل المملكة مسؤوليتها لحماية حدود الوطن وخاصرته وأمنه القومي الممتد حيثما يستهدفنا الخطر.


الواقع يقول إن المملكة قطعت أشواطا في الإصلاح الجريء، بل التغيير النوعي في التنمية والتطلعات للخروج من دائرة الارتهان لأسعار النفط، والعمل على مواكبة التطور العالمي في اقتصاد المعرفة والتقنية والمشاريع الاستراتيجية المنتجة والسياحية ذات العائدات الضخمة، مع تطوير التعليم والتدريب وتوطين الوظائف في مختلف القطاعات، ودعم فرص ومجالات العمل أمام المرأة بقرارات جريئة اقترنت بخطوات تاريخية لتمكين السعوديات من حقوقهن بما يحقق فاعلية المجتمع دون إخلال بثوابت، ولا أحد يستطيع المزايدة على ذلك، بل تلاحم وانشراح لدى المجتمع وإعجاب عالمي شاهد على هذا الرضا.

في أي اتجاه ينظر من خلاله المواطن والمراقب يجد المملكة اليوم بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، يرى بوضوح معالم المملكة الحديثة التي تستنهض الحاضر وتستشرف الغد باستنارة وإقدام، وتنفض عنها تراكمات عتيقة من الترهل الإداري الذي تمكن منه الروتين وثغرات فساد دعس على الأنظمة والقوانين ودفنها مع ضمائر ماتت.

التراخي يخلق بيئة خصبة للفساد وتعديات على أموال وأراضي الدولة، وتلاعب في المناقصات وبطء وسوء تنفيذ وتعثر مشاريع وضعف رقابة، ولا نتحدث عن فساد نهش نحو 10% من الإنفاق الحكومي لسنوات طويلة، وبانتظار العدالة لتقول كلمتها تبرئة أو إدانة، وقد كشف سمو ولي العهد عن الكثير ووضع النقط فوق الحروف بشأن ذلك.

هذا عن المال العام، ويبقى الجانب الآخر الذي يحتاج بالفعل إلى إصلاح جذري وإن استغرق تحقيقه وقتا نتمنى ألا يطول، وأعني بذلك الجسد الإداري المشبع في كثير منه بالتسيب والخمول وضعف الإنتاجية والبطالة المقنعة، ونسبة الغياب والتأخير والاستئذان وتأجيل عمل اليوم إلى ما يشاء الموظف والمسؤول.

القاطرة الحديثة ذات السرعة العالية أو الفائقة لا تصلح لها عربات قديمة المواصفات متهالكة التكوين والإمكانات، وهكذا التنمية ومستوى عافية الهرم الإداري والإنتاجي، ولا يعني ذلك استبدال بشر بآخرين إنما تطوير الفكر الإداري وإصلاح ثقافة العمل وتحديث التشريعات لتؤطر هذا الحراك وتحافظ على مستوى وأدوات الارتقاء بالأعمال والإنجاز، ويقيني أن هذه المرحلة قريبة.

حديث ولي العهد لصحيفة نيويورك تايمز، بل في أحاديثه المتعاقبة، هو تأكيد على تهيئة الوطن لقوة الانطلاقة وعافية المسار بشفافية عالية وعزم أكيد، وهذا يؤشر على ما هو قادم لبناء المستقبل الذي يستحقه الوطن والسبيل إليه دون تردد، خلال السقف الزمني لرؤية 2030، وستشهد بلادنا بإذن الله تحولات نوعية تغذي هذه العزيمة. فهكذا يكون البناء لمستقبل الأجيال، ونستبشر بالخير كله بالإخلاص في العلم والعمل وصلاح النفس.