أحمد تركي
أحمد تركي
-A +A
أحمد تركي *
تلقيت دعوة من مركز الملك عبدالعزيز للحوار بالمملكة العربية السعودية، ومكتب اليونسكو ببيروت، لحضور ورشة عمل واجتماع الخبراء الاستشاري لتكييف أدلة مكافحة التطرّف والإرهاب يومي 14، 15 نوفمبر 2017، وهي المرة الأولى التي أزور فيها السعودية في غير الحج والعمرة.

أدركت بالطبع التغيير الواضح الصارم في سياسة المملكة لمقاومة التطرّف بكل أنواعه وأشكاله وألوانه ودوافعه، خصوصا وقد سبق لي كتابة ورقة عن «الخطاب الديني في دول الخليج، ترميم للخطاب وتفكيك لمداخل التطرّف».


وأيضاً سبق لي قبل انعقاد هذه الورشة بأيام الاستماع إلى كلمة ولي العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، قال فيها «لن ننتظر 30 عاماً أو أقل أو أكثر لنقضي على الإرهاب والتطرف، سنقضي عليه فوراً حتى نتفرغ لمشاريع التنمية»، أسعدني هذا التصريح الصارم الحاسم، وأدركت تحول هذا الكلام إلى تنفيذ في التو واللحظة. ولعل من أسباب سعادتي حضور هذا المحفل ملاحظة التقارب والتعاون بين العلماء والخبراء في مصر والمملكة في مجال مكافحة التطرّف والتحديات الفكرية والخلقية للأمة الاسلامية. وكل فريق يتسم بخبرة كبيرة في هذا الشأن، وقد ظهرت مبادرات وبرامج خلال السنوات الماضية في هذا الجانب، لعل من أبرزها: برنامج المناصحة في المملكة والذي يستهدف مناقشة العناصر المتطرفة فكريا بالحجة والبيان، وبرنامج المراجعات الفكرية في مصر للجماعات، وأيضاً مبادرة: بالعقل كدا! والتي أطلقها الفقير إلى عفو ربه فى 2014 لتحصين الشباب من مداخل التطرّف الفكري.

وبالطبع هذه الخبرة وهذا التعاون بين علماء وخبراء البلدين الشقيقين يعد حجر زاوية في الانتقال ببرامج مكافحة التطرّف من الإقليمية إلى العالمية. وهو أيضاً يُعد ظهيراً كقوة ناعمة لقادة البلدين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس عبدالفتاح السيسى، في رؤيتها لمكافحة التطرّف ومحاربة الإرهاب في العالم كله. وسعدت كثيراً بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة من قبل المسؤولين عن مركز الملك عبدالعزيز للحوار، وعلى رأسهم الأمين العام للمركز الدكتور فيصل بن معمر ونائب مدير المركز الدكتور فهد السلطان وفريق العمل والإخوة الحضور، حتى شعرت أني ببلدي ووسط أهلي، فكل الشكر والتقدير لهم.

ولأكثر من 60 ساعة قضيتها في الرياض أرى مظاهر التجديد والمعاصرة في كل شيء «رؤية وتطبيقاً»، والمعاصرة في التناول والفكر والتنمية البشرية والحوار والتحليل العلمي السليم واعتماد ثقافة ورش العمل وجمع الخبرات.. إلخ، في الوقت الذي يتم الحفاظ على الأصالة في القيم والثقافة العربية الأصيلة. وظهر ذلك من خلال النقاشات في ورش العمل وزيارة أجنحة وأقسام مركز الملك عبدالعزيز للحوار، وأيضاً الزيارات الميدانية، ونحن أمام مشروع نهضوي جديد في السعودية حضارياً وفكرياً يجمع بين الأصالة والمعاصرة، يستحق أن نشكر عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان والشعب السعودي، وأدعو الله أن يحفظ علينا بلادنا من كل مكروه وسوء وأن ينصرنا على أعدائنا، وأن يحفظ بلادنا من الإرهاب وشره.

* مدير عام تدريب الأئمة بوزارة الأوقاف المصرية