-A +A
أحمد عجب
يبدو أن شروط التعاقد على وظيفة مذيع في بعض القنوات التلفزيونية السعودية، قد أصبح على النحو التالي: أن لا يكون المتقدم سعودي الجنسية، أن لا يكون حاصلا على شهادة البكالوريوس في الإعلام، أن لا يكون لديه خبرة مهنية بأية مؤسسة إعلامية وطنية، أن يكون لديه سابقة إعداد وتقديم برنامج بـ«يوتيوب» يسخر فيه من المملكة بكل ضراوة، وأن لا يتمتع بالمظهر الحسن، ولا علاقة لخفة الدم له بصلة، ولا يجد أي قبول ورضا لدى المشاهدين !؟

هناك أكثر من برنامج تعرضه إحدى القنوات ليس له من وصفه أدنى صفة، ومثالاً: «مجلس الشباب» الذي قيل مؤخرا إن القناة اضطرت لإيقافه بعد ضغوط جماهيرية، (ولم يتأكد الخبر حتى حينه).


البرنامج يحمل فكرة جميلة للغاية هدفها غرس مفهوم الحوار البناء والهادف لدى فئة الشباب، لكنه بسبب ضعف قدرات المذيع وخبرته استحال قبوله عند تنفيذه وعرضه على الشاشة إلى مشاهد تمثيلية مسجلة يغلب عليها التصنع في إبداء وجهات النظر المعارضة والتميلح وتوزيع الابتسامات عند نقل المايكرفون بين الحضور، أما الضيف القدوة ذو المبادئ الاقتصادية أو الاجتماعية المتطرفة والذي اعتدنا منه التمسك بآرائه، فغالبا ما يظهر على غير طبيعته، حيث يبدو ودودا ومتفهما لآراء معارضيه ومتبنيا لها أحيانا !!

من بين البرامج التي نعنيها أيضا (باب واحد)، و(الليلة مع بدر صالح)، التي يتم الإعلان على أنها برامج كوميدية تناقش أغلب القضايا الرياضية والفنية السعودية بشكل ساخر، وما أن تبدأ الحلقة المنتظرة حتى يبرد فنجان الشاهي بيد المشاهد وهو يحملق مشمئزا أمام تلك الكتلة الغريبة من «الاستظراف»، لذلك الكائن الحي الذي يصرخ ويستهبل ويقفز هنا وهناك بين أغصان الكاميرا محاولا انتزاع الابتسامة بالقوة من المتابعين، إنه للأمانة يتمتع بلياقة عالية ويفعل كل شيء على خشبة الاستديو، عدا الكوميديا أو النقد الساخر المعلن عنه، ما يضطر المخرج المساعد لتعويض ذلك بضحك وتصفيق الحضور «الكومبارس» الذين يتم الاستعانة بهم لهذا الغرض!

الإعلام سلاح خطير جدا، ولهذا فإن أغلب الدول التي سقطت جاء انهيارها تماما بعد سيطرة المعارضين على مباني الإذاعة والتلفزيون، وإذا كان بعض إعلامنا، سواء المرئي أو المسموع أو المقروء، يدافع بشكل ممتاز عن كل ثوابتنا، فإن بعض إعلامنا الآخر أو المحسوب علينا يسير بعكس الاتجاه، إما لأهداف تجارية أو لرؤى أخرى، لهذا يتعين على المعنيين التحرك لضبط هذا الأمر حماية للوطن من عبث الصبيان، وتآمر الغرباء، وعملا بالحكمة القائلة: (لا تترك السلاح بيد الأطفال).

الأغرب من هذا كله، أن يتم تكريم مثل هؤلاء المذيعين الدخلاء من قبل بعض الجمعيات الخيرية على أنهم يمثلون الشاب السعودي الناجح الذي يسعى لبناء وتطوير مجتمعه وبلاده، وعليه فإنني أود التوضيح بأنه لا هذا المذيع ولا ذاك يمثلني، وحاشا أن يكون قدوتي في يوم من الأيام، وقد رأيته بأحد المقاطع (على الطاير) يدعو بكل حقد على المسؤولين والوزراء ويتهكم بكل وقاحة على الأبراج المحيطة بالحرم الشريف ويصفها بأبشع الصور، إنه يمثل التيار الذي تبناه ودعمه، وعلى مجموعة القنوات المروجة له أن تكف عن استقطاب مثل هؤلاء، وأن يكون رائدها نشر الثقافة والمعرفة لا الاستخفاف بعقول المشاهدين!