-A +A
محمد أحمد الحساني
منذ فترة من الزمن وأنا أسمع أحاديث وحكايات يتداولها بعض الناس الذين لديهم مرضى يعانون من حالات مرضية صعبة أو غير قابلة للشفاء في المستشفيات التي تستخدم الطب الحديث، بأن العديد نصحوا بالسفر مع مرضاهم إلى ولاية كيرلا «الهندية»، وأن أولئك المرضى قد استفادوا من الرحلة العلاجية وبتكاليف زهيدة مقارنة برسوم الأطباء والمستشفيات العادية، وقد تكرر الحديث أمامي وقرأت أيضاً عن هذا الأمر في بعض مواقع التواصل حتى كدت أصدقه لأنه بلغ درجة التواتر، بل إن أحد أصدقائي كان لديه ابنة شابة أصيبت بمرض عضال أثر على حركة يدها ورجلها، فعالجها في أرقى المستشفيات حتى الموجود منها في أمريكا فكانت النتائج متواضعة، فإذا بي أسمع من ينصحه بالتوجه بها إلى «كيرلا» وإلى مدينة «كوتشي» على وجه التحديد لتلقى علاجا يجعلها قادرة على منافسة نوال المتوكل وغادة الشعاع في سباق المسافات الطويلة! ولكن ذلك الصديق تأنَّى ولم يأخذ بتلك النصائح لعدم قناعته بها أو لأنه جمع معلومات عما سمعه، فوجد أن الأمر لا يعدو كونه أوهاماً في أوهام!

وخلال موسم الحج الماضي 1438هـ أبلغني صديقي يعقوب شافعي أنه قد قرر السفر إلى «كيرلا» لعلاج ما أصابه من عجز عن الحركة بعد سقوط مُدوٍ أثر على ظهره وعموده الفقري وأسلمه للسرير، وأكد لي قبل سفره أنه تواصل مع عدة مراكز صحية في تلك الولاية الهندية فقالوا له على قلب لِسان رجل واحد: تعال وسوف ترى العجب العجاب!


وبعد عودته من الرحلة كشف أن كل ما سمعه وأخبر به مجرد وهم وضحك على الذقون وتحايل وادعاء، وأنه وجد أمامه عدداً من المواطنين الذين «أكلوا الطعم» مثله ثم اكتشفوا بعد بقاء بعضهم شهرين متتابعين أنهم قد خدعوا بدعايات زائفة كاذبة خاطئة، وكان ممن قابلهم الأخ الشافعي مواطن من المنطقة الشرقية لديه ابن صغير يعاني من ضمور في عضلات قدميه، جعلته شبه مشلول فأخذوا «أدعياء الطب» يُمَرِّخُونه «بزيت حار لونه مثل لون زيت السيارات بعد الاستعمال فالتهب جلد الفتى وتقرح فنقلوه لمستشفى آخر يمارس الطب الحديث لعلاجه من الحروق التي أصابت جلده حتى تعافى ولكنه لم يستفد من عملية التدليك «بزيت الماكينة!» أية فائدة، وكان والده يدفع يومياً خمسمائة ريال سعودي مقابل الزيت والبكش!، والخلاصة أن ما وجده الزائرون لولاية كيرلا لم يكن سوى ادعاءات بوجود علاج وطب بديل وأن ما يساق لهم من دعايات تجعلهم يشدون الرحال أملاً في الحصول على علاج ما هو إلا ركض وراء الأوهام وأن بعض المجربين ينصحون غيرهم بعدم السفر والركض وراء ما سمعوه من دعايات ولكن بعض الناس لا يصدق حتى يرى!

mohammed.ahmad568@gmail.com