-A +A
عبدالله عمر خياط
.. اليوم هو يوم المولد النبوي الشريف، وبودي لو اتخذنا من كل يوم عيداً يُذكر به من كان غافلاً بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق وخير الدنيا والآخرة. ومن منحه الله من أسمائه جل جلاله في قوله بآخر سورة «التوبة»: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }.

وفي تصريح لفضيلة الشيخ عبدالله المطلق المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء نشرته «عكاظ» في 27/‏2/‏1435هـ قال فيه: «إن المحتفلين بالمولد النبوي ليسوا كلهم على خطأ، مشيراً إلى أن هناك منهم من يستغل هذه الفرصة للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونقل الصحيح من أخباره وسيرته ومنهجه، بحكم أن الناس يستمعون فيها إلى سيرته أكثر من غيرها، واعتبر المطلق هذا من أفضل الأعمال، ومن انتهاز الفرص لإسماع الناس الخير».


وفي ما ترويه كتب السيرة بأن الشاعر اللبناني المهاجر، رشيدُ سليم الخوري، الملقّب (بالشاعر القروي)، وهو شاعر (يدين بالمسيحية)، دُعي إلى حفلة بمناسبة المولد النبويّ الشريف، أُقيم في مدينة «سان باولو» وطُلب منه أن يُلقي كلمة في الحاضرين... فقال: أيّها المسلمون.! أيها العرب.! يولد النبيُّ على ألسنتكم كلَّ عام مرةً، ويموت في قلوبكم.. وعقولكم.. وأفعالكم كلَّ يوم ألفَ مرةٍ، ولو ولد في أرواحكم لولدتم معه، ولكان كلُّ واحد منكم محمّداً صغيراً. ولكان العالَمُ منذ ألفِ سنةٍ أندلساً عظيماً... ولالتقى الشرقُ بالغرب من زمن طويل... ولَعَقَدت المادّةُ الغربية.. مع روح الشرق المسلم حلفاً... ولمشى العقلُ والقلبُ يداً بيد... إلى آخر مراحل الحياةأيّها المسلمون! يَنْسِبُ أعداؤكم إلى دينكم كلَّ فِرْية... ودينُكم من بُهْتانهم براء... ولكنّكم أنتم تُصدِّقون الفِرْية بأعمالكم... وتقرُّونها بإهمالكم..

دينُكم دينُ العِلْم... وأنتم الجاهلون..

دينُكم دينُ التيسير.. وأنتم المعسِّرون.

دينُكم دينُ الحُسْنَى وأنتم المنفِّرون..

دينُكم دينُ النصر، ولكنّكم متخاذلون..

دينُكم دينُ الزكاة، ولكنّكم تبخلون..

يا محمدُ.! يا نبيَّ اللهِ حقاً... يا فيلسوفَ الفلاسفةِ.. وسلطانَ البلغاء.. ويا مَجْدَ العرب والإنسانية... إنّك لم تقتل الروحَ بشهواتِ الجسد.. ولم تحتقر الجسدَ تعظيماً للروح...

فدينُك دينُ الفِطْرةِ السليمة.. وإنّي موقِنٌ أنّ الإنسانيّة بعد أن يئست من كلِّ فلسفاتِها وعلومِها، وقنطت من مذاهب الحكماء جميعاً؛ سوف لا تجد مخرجاً من مأزقِها وراحةِ روحِها.. وصلاحِ أمرِها إلاّ بالارتماء بأحضان الإسلام.. عندئذٍ يحقّ للبشريّة في مثل هذا اليوم أن تَرفع رأسَها وتهتِفَ ملءَ صدورها، وبأعلى صوتها... ثمّ أنشد قائلاً:

عِــيـدُ البَـرِيَّـةِ عِــيــدُ الـمَـوْلِـدِ الـنَّـبَـوِيّ

فِــي الـمَـشْرِقَيْنِ لَــهُ وَالـمَغْرِبَيْنِ دَوِيّ

عِـيدُ الـنَّبِيّ ابـنِ عَـبْدِ اللهِ مَـنْ طلعَتْ

شَـمْـسُ الهِـدَايَةِ مِنْ قُـرْآنِـهِ الـعلويّ

يَــا فَـــاتِــحَ الأَرْضِ مَــيْــدَاناً لِــدَوْلَــتِـهِ

صَارَتْ بِـلادُكَ مَـيْـدَاناً لِـكُـلِّ قَـوِيّ

يَـا حَــبَّــذَا عَـهْــد بَــغْــدَادٍ وَأَنْــدَلُــسٍ

عَـهْــدٌ بِرُوحِـي أُفَـدِّي عَـــوْدَهُ وَذَوِيّ

مَـنْ كَـانَ فِـي ريْـبَةٍ مِـنْ ضَـخْمِ دَوْلَـتِهِ

فَـلْيَتْلُ مَـا فِـي تَوَارِيخِ الشُّعُوبِ رُوِي

يَـا قَـوْمُ هَـذا مَــسِـيـحِـيٌّ يُــذَكِّـرُكُـمْ

لا يُـنْهِضُ الـشَّرْقَ إلاّ حُـبُّنَا الأخَـوِيّ

فَــإنْ ذَكَـــرْتُـمْ رَسُـولَ اللهِ تــكـرِمَــةً

فَـبَـلِّـغُـوهُ سَـلامَ الــشَّــاعِـرِ القَرَوِيّ..

السطر الأخير:

من شعر أحمد شوقي:

نبي البــــــر بينهُ ســـبيلاً وسن خلاله وهَدى وشعابا

وكان بيانه للهدي ســــبلاً وكانت خيله للحق غـــــابا.

aokhayat@yahoo.com