-A +A
سعيد السريحي
لم يكن إبراهيم خفاجي رحمه الله شاعر الوطن فحسب، بل كان شاعر الناس كذلك، والشاعر الذي نردد كلماته نشيدا وطنيا هو نفس الشاعر الذي نردد كلماته كلما استمعنا إلى طلال مداح ومحمد عبده وطارق عبدالحكيم وعبدالله محمد وعشرات المغنين والمطربين من داخل المملكة وخارجها، هو الشاعر الذي تتجذر أغانيه لزمن فاق السبعين عاما مذ ترنم طارق عبدالحكيم بأول أغنية صاغ كلماتها قبل 74 عاما هي أغنية: يا ناعس الجفن، والتي رددها بعده كثير من المغنين وكأنما هي الكلمات واللحن الذي يجد فيه كل جيل ما يصبو إليه، تتجدد مع كل جيل لا يحول بينها وبين أن تبقى حية تغيّر الذائقة وتبدل الموجات الفنية.

كان خفاجي رحمه الله شاعر الناس حين كانت كلماته بسيطة بساطة لغة الناس، وكأنما يبعث إليهم برسالة مفادها إن لغتكم أيها الناس لغة جميلة زاخرة بالشعر، وإذا كان شوقي قد قال: أنتم الناس أيها الشعراء، فقد كان ملخص ما قاله الخفاجي خلال 70 عاما من العطاء هو: أنتم الشعراء أيها الناس.


كتب الخفاجي قصائده بلغة عامية بسيطة سهلة غير أنها ظلت رغم سهولتها لغة راقية ورغم بساطتها بقيت تزخر بشاعرية سهلت وصولها إلى قلوب من يستمعون إليها، لم تكن لغة مبتذلة أو فجة كما هو حال كثير من الشعر الذي يردده بعض المطربين كما لم تكن مجرد خواطر لا تتجاوز أن تكون نظما لكلام مرتجل، كما هو حال كثير مما يكتب تحت مسمى الشعر الشعبي بل والفصيح كذلك، وحين نقرأ كلمات أول قصيدة له غناها طارق عبد الحكيم، ندرك أن خفاجي رحمه الله ولد شاعراً ناضجاً وأنه كان واحدا من أهم العوامل التي حققت للفن السعودي النجاح منذ المراحل الأولى من تاريخ الأغنية في السعودية.